تفسير قول الله تعالى : (( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) حفظ
قال الله تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً )) حال من الناس قدم للاهتمام للناس قوله : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً )) هذا الاستثناء يسمونه استثناء مفرغاً من أعم الأحوال يعين ما أرسلناك لأي حال من الأحوال إلا بهذه الحال يعني إلا للناس كافة (( كافة )) بمعنى جميعاً وقوله : (( أرسلناك )) الإرسال معناه الأمر بتبليغ الشيء فأنت إذا أرسلت شخصاً م الناس إلى شخصاً آخر معناه أنك أمرته أن يبلغ شيئاً ما إلى الموصل إليه ولهذا قالوا العلماء وفي تفسير الرسول : " هو الذي أوحي إليه الشرع وأمر بتبليغه " وقوله : (( إلى كافة للناس )) الناس معناهم هم البشر وسموا ناساً من قولهم أنس إذا تحرك وعمل وعلى هذا فيكون الناس اسماً مشتقاً وليس اسماً جامداً ، قالوا : " وأصله الأناس " نعم أصله الأناس لكنها حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال قالوا : " ومثل ذلك قولهم شر وخير " بأن تقول: هذا خير من هذا بمعنى أخير من هذا فحذفت الهمزة للتخفيف لكثرة الاستعمال قالوا : " ومن ذلك الله " وأصله الإله حذفت الهمزة للتخفيف لكثرة الاستعمال ، على أن هذه المسألة الثانية الأخيرة فيها شيء من النظر على لأن الإله تأتي إلى جانب الله فتقول : هو الله الإله العظيم إلى آخره نعم يقول : (( إلا كافة الناس )) " أي كفار مكة " وهذا قصور من المؤلف رحمه الله لأننا إذا قلنا إنك أرسلت إلى كفار مكة فغيرهم لن يرسل إليهم وهذا قصور عظيم جداً ، كيف تأتي كلمة الناس في مقال الرسالة ونقول المراد بها كفار مكة ، الصواب أن المراد بها كل البشر كفار مكة وكفار واشنطن وكفار موسكو وكفار الصين وكل الكفار ولا لا ؟ إلى يوم القيامة ولا في حياته فقط ؟ إلى يوم القيامة للناس عموماً (( بَشِيرًا وَنَذِيرًا )) (( بشيراً )) مبشراً للمؤمنين بالجنة و (( نذيراً )) منذراً للكافرين بالعذاب نعم (( بشيراً )) حال أيضاً من الكاف في قوله : (( وما أرسلناك )) (( بشيراً )) فعيل بمعنى مفعل أو بشير بمعنى لبشارة وفعيل تأتي بمعنى مفعل كما أثبتنا ذلك كثيراً وقوله : " بشيراً للمؤمنين بالجنة ونذيراً للكافرين بالنار " ينبغي أن يقال : بشيراً للمؤمنين بالجنة كما قال المؤلف ونذيراً للعاصين بالعقوبة ليشمل الإنذار عن الكفر والإنذار عن المعاصي ، يعني حتى المعاصي ركبت عليها عقوبات من أجل أن تردع الإنسان عن فعله ، والله أعلم .