فوائد قول الله تعالى : (( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون )) حفظ
ثم قال : (( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ )) في هذا الآية دليل على أن كثرة الأموال والأولاد لا تستلزم القرب إلى الله فإن من الناس من يكون كثيراً المال والولد وهو من أبعد الناس عن الله ومن الناس من يكون قليلاً من المال والولد وهو من أقرب الناس إلى الله ، فهذا النبي عليه الصلاة والسلام هل هو أكثر الناس أموالاً وأولاداً ؟ ومع ذلك فهو أقرب الناس إلى الله ، وهذا الرجل الذي افتخر بماله وولد وقال : (( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ))[مريم:77]إذا آتاه الله المال والولد فإنه لا ينفعه ، قال الله تعالى : (( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ))[المدثر:18]إلى أن قال : (( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ))[المدثر:26]فالأموال والأولاد لا تقرب إلى الله .
ومن فوائدها : أن المؤمن الذي يعمل الصالحات فإن أمواله وأولاده إيش ؟ تقربه إلى الله عز وجل لأنه يكتسبها من حلال ويصرفها فيما يرضي الله عز وجل فيكون منتفعاً بها والأولاد كذلك يقوم عليهم بالتربية والتعليم وغير ذلك من مصالحهم فينتفع بذلك عند الله ولهذا قال : (( إلا من آمن وعمل صالحاً )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الجزاء على الإيمان والعمل الصالح مضاعف لقوله : (( فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا )) .
ومن فوائدها : إثبات الأسباب من قوله : الباء في (( بما عملوا )) نعم .
ومن فوائدها : أن منازل الجنة عالية هذا قوله (( وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ )) والغرفة المنزل العالي أما الذي في الأرض فيسمى حجرة لا يسمى غرفة فالمنازل فوق غرف والمنازل تحت حجر .
طيب ومن فوائدها : أن من دخل الجنة فهو آمن ، آمن منين ؟ من كل مخوف آمن من الموت من المرض ، من انقطاع النعيم ، من فساد الثمار ، من كل شيء (( وهم في الغرفات آمنون )) والله أعلم .
لما ذكر جزاء المؤمنين ذكر جزاء غيرهم لأن القرآن مثاني تثنى فيه المعاني فإذا ذكر الثواب ذكر العقاب وإذا ذكر المؤمن ذكر الكافر وذلك لئلا تسأم النفس إذا بقيت في موضوع واحد ولأجل أن يكون الإنسان عند تلاوة دائراً بين الخوف والرجاء ، والمعلوم لنا جميعاً أن الموضوع إذا كان واحداً فإن النفس تمله وتسأم منه فإذا نوع صار في ذلك تنشيط لها ...نعم.