تفسير قول الله تعالى : (( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له )) حفظ
ثم قال : (( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ )) (( قل )) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يراد به كل من يصح توجيه الخطاب إليه ، يخاطب هؤلاء الذين يسعون في آياتنا معاجزين ويقولون : عجز الله فيما يدعون (( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ )) يوسعه هذا معنى يبسط من البسط وهو التوسعة ولهذا يقال : بسط الكلام واختصر الكلام ، بسطه بمعنى وسعه وطوله ، والرزق بمعنى العطاء (( لمن يشاء )) من عباده امتحان (( ويقدر )) نضيقه بعد البسط أو (( لمن يشاء )) ابتلاءً انتبه (( يبسط الرزق لمن يشاء من عباده )) قوله : (( لمن يشاء )) مر علينا كثيراً بأن كل فعل علقه الله بالمشيئة فهو مقرون بالحكمة (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ))[الإنسان:30]فمشيئته سبحانه وتعالى تابعة لحكمته فإذا اقتضت حكمته أن يوسع الرزق لأحد وسعه وإذا اقتضت حكمته أن يضيقه ضيقه وقوله : (( من عباده )) المراد بالعباد العبودية العامة لأن المشاهد أن الكافرين والمؤمنين على السواء منهم من يبسط الله لهم الرزق ومنهم من يضيقه ، فالمراد بالعباد إذاً العبودية العامة وقد مر علينا أن العبودية تنقسم : إلى عامة وخاصة ، فالعامة التي تشمل جميع الخلق والمراد بها العبودية الكونية التي قال الله عنها : (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))[مريم:93]وأما الخاصة فهي عبودية الطاعة الشرعية وهي التي قال فيها : (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ))[الفرقان:63]إلى أخره طيب من عباده قال المؤلف : " امتحاناً " كيف معنى امتحان ؟ يعني اختبار يختبروا هل يشكر أم يكفر ؟ ولهذا قال سليمان عليه الصلاة والسلام : (( هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ))[النمل:40]حين رأى عرش بلقيس حاضر بين يديه في هذه المدة الوجيزة قال : (( هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ )) وقال تعالى : (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ))[الأنبياء:35]يعني ابتلاء واختباراً ، وكم من إنسان كان في حالة فقر أصلح مما كان بعد الغنى وكم من إنسان بالعكس كان فقيراً مسرفاً على نفسه ولما أغناه الله وهداه الله ، فالله عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء حسب ما تقتضي الحكمة ، قال : (( ويقدر له )) هل يعود على المبسوط له أو يعود على من يشاء عموماً ؟ المؤلف رحمه الله ذكر في المعنيين قال : (( ويقدر )) يضيق له بعد البسط يعني أن الله عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء ثم يضيقه عليه ليبلوه يعطي النعم ثم يزيلها امتحاناً واختباراً يمن الله على الإنسان بالأولاد فيموتون ، بالمال فيفنى ، هذا تضييق بعد إيش ؟ بعد البسط أو أن المعنى (( ويقدر له )) أي لمن يشاء لا لهذا الذي كان مبسوطاً له الرزق يعني أنه سبحانه وتعالى يبسط الرزق.... ويقدره ليختبره ، وهل المعنيان يتنافيان ؟ لا وإذا كانا لا يتنافيان فقد مر علينا أن القاعدة في التفسير أن المعنيين لا يتنافيان فإن الآية تحمل عليهما جميعاً (( يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ))