تفسير قول الله تعالى : (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ... )) . حفظ
ثم قال تعالى : (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )) شوف الإنصاف ، إنصاف الله عز وجل في مخاطبة الخلق ، (( قل )) أي يا محمد موجهاً الخطاب إلى هؤلاء المكذبين (( إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )) الجملة هذه فيها حصر وتقديرها ما أعظكم إلا بواحدة يعني ما أدعوكم دعاء واعظ ناصح لكم إلا واحدة فقط فـ(( أعظكم )) هنا متضمنة معنى أنصحكم يعني أنا أدعوكم ناصحاً لكم وواعظاً إلى هذه الخصلة (( بواحدة أَنْ تَقُومُوا )) قال : " هي أن تقوم " فعلى هذا فأن تقوم في موضع جر عطف بيان على قوله : (( بواحدة )) يعني أنه بين هذه الواحدة بقوله : (( أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ )) إلى آخره ، (( أن تقوموا )) هنا المراد بها أن تثبتوا على الشيء وليس المراد القيام ضد القعود فهو كقوله تعالى (( وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ))[النساء:127]ليس المراد أن تقوموا لليتامى يقف الواحد وهكذا (( أن تقوموا لله )) ليس المراد أن تقفوا قياماً بل أن تثبتوا وتنظروا في الأمر وقوله : ( أن تقوموا لله )) قال المؤلف : " أي لأجله " فاللام هنا للإخلاص أي أن تقوموا مخلصين لله لا مقلدين لآبائكم ولا متعصبين لآرائكم جردوا نياتكم من كل شيء إلا لله أن تقوموا لله وحده لا لي لا مراعاة لي ولا مراعاة لآبائكم ولا لحميتكم ولكن لله (( مَثْنَى )) قال المؤلف : " اثنين ، اثنين " وهل المراد حقيقة التثنية ؟ يعني أن يقوموا على اثنين ، اثنين أو المراد مجرد الزيادة على الواحدة ؟ يعني أنه مَثنى بل المراد به حقيقة الاثنين لا يراد به حقيقة الاثنين بل المراد أن تقوموا لله مجتمعين سواء كنتم اثنين أم ثلاثة أم أربعة أم خمسة أم عشرة ، نعم هذا هو الظاهر ، وقال بعض المفسرين المرد بالمثنى هنا : حقيقة الاثنين وعللوا ذلك بأن الناس إذا كثروا اضطربت آراءهم وكثر الشجار بينهم وفات المقصود لأنك الآن لو وضعت رأياً بين عشرة كم يجيئك من آراء ؟ عشرة آراء وبين اثنين يأتيك رأيان قالوا : " فالاثنين أقرب إلى الحصر وأقرب إلى تصور المسألة مما كانوا إذا أكثر من اثنين ولكن قد يقال إن هذا حقيقة لكن أحياناً يكون الثلاثة والأربعة أسد رأياً من الاثنين فقط فتحمل الآية على أن المراد بالمثنى مطلق الجمع سواء كانوا اثنين أو أكثر والمثنى قد يراد به مطلق الجمع كما في قوله (( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ ))[الملك3:4]أي كرة بعد كرة وليس المراد حقيقة الاثنين وكقول الاثنين وهو يلبي للحج أو العمرة يقول : " لبيك " يعني إجابة لك مرتين أو المراد إجابة بعد إجابة ولو كثر ؟ الأخير أي نعم والله أعلم .