فوائد قول الله تعالى : (( الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء )) حفظ
ظاهِرُ الآية الكريمة أنَّ جميعَ الملائِكَة رُسُل فهل هذا الظاهر مُرَاد؟ تقول: غَير مُرَاد بدليلِ قولِه: (( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ))[الحج:75].
طيب (( فاطِرِ السماواتِ والأرضِ )) في هذه الآية الكريمة: بيانُ كمالِ الله عز وجل حيثُ أثنَى على نفسِه بالحَمْد فقال: (( الحمدُ لله )).
وفيه أيضًا: أنَّ الله عز وجل رَحِيمٌ بعبادِه يُعَلِّمُهُم كيف يحمَدُونَه، لأنَّ قولَه: (( الحمدُ لله )) خبَر لكنْ مَعْنَاه الإرْشَاد والتوْجِيه، كما قال تعالى في آية أخرى: (( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ))[الإسراء:111] ولهذا لاحَظَ بعض العلماء إلى أنَّها كُلَّما جاءَت (الحمد لله) فهو على تَقْدِيرِ (قُلْ) حتى قالوا في قولِه: (( الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين )) المعنى: قُل الحَمْدُ لله، ولكِن الصواب خِلَافُ ذلك وأنَّ هذا خبَرٌ مِن الله ونَحْن نَتْلُوه نُثْنِي به على الله ولا حَاجَة إلى أن يأمُرَنا بذلك، طيب.
ومِن فوائد الآية الكريمة: إثبَاتُ اسمِ (الله) للربِّ عز وجل وهذا الاسْم خَاصٌّ به لا يُقَالُ لِغَيْرِه وهو أَصْلُ الأَسْمَاء ولذلك تأتي الأسماءُ بعدَه -في الغالِب- صِفَةً لَه، نعم، ولا تأتِي سَابِقَةً عليه إلا نادِرًا كما في قولِه تعالى: (( إلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ ))[إبراهيم:2] وإلَّا فإن الغَالِب أنَّ الأسماءَ تأتي تَابِعَةً له فهو أصْلُ الأَسْمَاء ولهذا لا يُسَمَّى به غَيرُه أبدًا لا عَلَمًا ولا صِفَة بأَيِّ حالٍ مِن الأَحْوَال، طيب، وهل هُو مُشْتَقّ أو اسْمٌ جَامِد؟ الصحِيح -بلا شَك- أنه مُشْتَقّ، لأَنّ جمِيع أسماءِ اللهِ تعَالى مُشْتَقَّة بمعنى أنها دالَّةٌ على المعاني التي أُخِذَتْ منها، مِن أين يُشْتَقّ (الله )؟
الطالب: مِن الإله.
الشيخ : مِن الأُلُوهِيَّة، الاشْتِقَاقَات تكُون بالـمَصْدَر، ما هو أصلُ الإله؟ صح أصلُه (الإله) لكنْ (الإله) مِن أين مُشْتَقَّة؟ مِن الأُلُوهِيَّة، طيب.
ومِن فَوائِد الآية الكريمة: أن اللهَ عز وجل هو فَاطِرُ السماوات والأرض لم يُشارِكْهُ أَحَدٌ في ذلك، لقولِه: (( فاطرِ السماواتِ والأرْضِ )).
ومِنها أيْ مِن فَوَائِد الآيَة الكريمة: كَمَالُ قُدْرَتِه وحِكْمَتِه حَيْثُ ابْتَدَأَ خَلْقَ هذه السَّمَاوات العَظِيمة والأَرْض على هذا النِّظَام البَدِيع مِن غَيرِ أن يَسْبِقَ مِثَالٌ يَحْتَذِيه ويَعْتَنِي به، ومعلومٌ أنَّ .. الصَّنْعَة يُشهَدُ له بالخِبْرة، نعم والقُدْرَة، يعني مَن أنشأ شيئًا جديدًا وصار هذا الشيء الجديد منتظمًا على تَمَامِ الانتِظَام وغَايَةِ الإِحْكَام فإنَّه يُشْهَدُ لَه بماذا؟ بالكَمَال والخِبْرَة، وفي كَوْنِه فَطَرَ السماواتِ والأرض دليلٌ على القُدْرة وعلى الحِكْمة، لأنَّه خلقَهُما على غيرِ مِثَالٍ سَبَق.
ومِن فوائدِها: أنَّ السماوات مُتَعَدِّدَة وقد بَيَّنَ اللهُ تعالى في آيةٍ أُخرى أنَّهَا سَبْع فقال: (( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[المؤمنون:86] وأمَّا الأَرْض فذُكِرَت مُفْرَدَة باعْتِبَارِ الجِنْس وهي - يا طلال!- كم عددها؟
الطالب: عدد الأرض؟
الشيخ : اي نعم.
الطالب: واحدة.
الشيخ : واحدة فقط؟ أي نعم.
طالب آخر: سبع طبقات.
الشيخ : كم الأرض؟
الطالب: سبع أرضين.
الشيخ : سبع أرضِين ما دليلُك مِن القرآن والسُّنَّة؟
الطالب: ...
الشيخ : طيب مِن القرآن.
الطالب: (( خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ )) .
الشيخ : (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ))[الطلاق:12] ومِن السنة عِيسَى!
الطالب: الحديث: ( مَنِ اقتطع شِبْر مِن الأرض ظلم طُوِّقَه مِن سبع أرضين) .
الشيخ : ( مَنِ اقْتَطَع شِبْرًا مِن الأرض ظُلْمًا طُوِّقَه يومَ القيامة مِن سَبْع أَرَضِين ) بارك الله فيك طيب.
الطالب : في حديث ثالث : ( السماوَات السبع والأرضين السبع )
الشيخ : أقول: في أحاديث ما هو حديث ..
الطالب: لكن ما هو يعني .. من هذا؟
الشيخ : لا هذا أسهل.
الطالب: .. يُطَوَّقه
الشيخ : مِن سَبْع أرضين .. سبع أرضين.
طيب مِن فوائدِ الآية الكريمة: إِثْبَاتُ الـمَلَائِكَة، لقولِه: (( جَاعِلِ المَلَائِكَة )).
ومِن فوائدِها: أنَّ مِن الملائكةِ مَنِ اصْطَفَاهم ُالله تعالى رُسُلًا إلى الخَلْق بالوَحْي، إيش بعد؟ وغيرِ الوحي، بالوَحْي وغيرِه، لقولِه: (( جاعِلِ الملائِكَة رسلًا )).
ومنها: أنَّ هؤلاء الرُسُل لهم أجْنِحَة، أجنِحَة مُتَعَدِّدَةُ الأصْنَاف ومتعدِّدَةُ الأعْيَان، يعني أنها متعددة كَمِّيَّة وإيش بعد؟ وكَيْفِيَّة، لقولِه: (( أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )).
ومِنها أي مِن فوائدِ الآية: أنَّ فيها إشارَةً إلى سُرَعَةِ تَنَقُّلِ الملَائِكَة لِقُوَّةِ أجْنِحَتِهِم، لقولِه: (( أولي أجنحة ))، وإنما قُلْت: (لقوةِ أجنحتهم)، لأنَّه لولا أنَّ لهذه الأجنِحَةِ مَزِيَّة عَظِيمَة استَحَقَّتْ أَن يُنَصَّ عليها لكان يُذْكَر غير الأجْنِحَة كالرُؤُوسِ مثلًا، ولكن ذَكَر الأَجْنِحَة لِما فيها مِن القُوَّة لحملِها هؤلاءِ الملائكة ولأنَّها تكُون عند .. أسرع، واضِح؟ وقد ذكَرْنا مِثَالًا لذلك يدُلُّ على أنَّ الملائِكَة أسرَعْ مِن غيرِها في الطَيَرَان في قِصَّة عَرْش بِلْقِيس، أي نعم.