تفسير قول الله تعالى : (( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض )) حفظ
(( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ )) يعني إِذَا تَقَرَّر أن ذكَرْتُم نِعْمَةَ اللهِ عليكم فإننا نُوَجِّه إليكُم هذا السُّؤال المتَضَمِّن لِلنَّفْي " (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ )) (مِن) زائِدَة و (خَالِقٍ) مُبْتَدَأ (( غَيرُ اللهِ )) بالرَّفْعِ والجَرّ نَعْتٌ لِـ(خَالِقٍ) لَفْظًا ومَحَلًّا. وخَبَرُ المبْتَدَأ (( يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ )) " أولًّا: (( هَل مِن خالق )) (هل) أداةُ استِفْهام حَرْف، فهي أداةُ استفهام و(مِنْ) زائِدَة، زَائدَةٌ زَائِدَة، كيف (زائِدَةٌ زَائِدَة) .. ؟ زائِدَةٌ لَفْظًا زَائِدَةٌ لِلمَعْنَى، لأنها تفيد تَوْكِيد النَّفْي والتَّنْصِيص على العُمُوم (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ )) فـ(خالق) إذًا مُبْتَدأ مَرفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَة على آخرِه مَنَع مِن ظُهُورِها اشْتِغَالُ الـمَحْلّ بحَرَكَة حَرْفِ الجَرّ الزَائِدِة طَيب، (( غيرُ الله )) فِيه قِرَاءَتَان (غَيْرُ) و(غَيْرِ) وكلاهما صحيح نعم، أمَّا على قِرَاءَةِ الجَرّ (( غَيْرِ الله )) فهي صِفَة تَاِبِعَةٌ لِلَّفْظ لَفْظ(خَالِقٍ)، لأَنْ(خَالِقٍ) مجرور، وأما على قراءَةِ الرَّفْع فهي صِفَة تابِعَةٌ لِمَحَلّ (خَالِقٍ)، لِأَنَّ مَحَلَّهُ الرَّفْعُ على الابْتِدَاء ولهذا قال المؤلف: " بالرَّفْعِ والجَرّ نَعْتٌ لـ(خَالِق) لَفْظًا ومَحَلًّا " فِي كلامِ المؤلف: لَفٌّ ونَشْرٌ مُشَوَّش، نعم، عبد الرحمن بن داود يبَيِّن لنا في كلامِ المؤلِّف لَفٌّ ونَشْرٌ مُشَوَّش.
الطالب: ........ هو على كلٍّ اللف والنشر ... هو أن يُقَدِّم
الشيخ : ما أُرِيد أن تُعَرِّفَنِي به أنَا ..
الطالب: ...........
الشيخ : طيب من يعرف....نعم .
الطالب: لأنه قال بالجر .
الشيخ : لا.
الطالب: قال: نعت لِ(خالق).
الشيخ : شوف (( غير الله )) إيش يقول بعدها؟
الطالب: .....
الشيخ : طيب.
الطالب: ..........
الشيخ : وهذا الجر؟ ومحلّه هذا للرَّفع، لا، هذا لَفّ ونَشْر مُشَوَّش
الطالب: غير مُرَتَّب
الشيخ : نقول غير مُرَتَّب إذا صار في القرآن أو في الحديث، أما في كلام الناس نقول: مُشَوَّش فليكن مُشَوَّش، نعم طيب، " بالرفع والجر نعت لـ(خالق) " لو كان مرتَّبًا لقال: نعتٌ لـ(خالق) مَحَلًّا ولفظًا، لأنه بالرفع يكون نعت الـمَحَلّ، بالجَرّ يكون نعتًا لِلَّفْظ، طيب ما يهم على كُلِّ حال إنه (( غير الله )) فيها قراءَتان ولِكُلٍّ منهما وجْهٌ .. به، وقولُه: (( يرزُقُكم )) يقول المؤلف: " خَبَرُ المبتدأ " هل الفعل نفسُه خبَرُ المبْتَدَأ أو الجملة؟
الطلبة: الجملة.
الشيخ : الجملة لكنَّهم عند الإعراب يتسَاهَلُون انتبهوا لهذا فمثلًا لو قلت: فلانٌ في المسجد يقول: في المسجد جار ومجْرُور خبر المبتدأ، (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ )) يقول: (( يَرْزُقُكُم )) خبرُ المبتدأ، وإن كان هذه جملة، قوله تعالى: (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ )) هو استفهامٌ بمعنى النفي وقد ذكرنا سابِقًا أنَّ الاستفهامَ إذا كان بمعنى النفْي فإنه مُشْرَبٌ معنى التَحَدِّي يعني لو قال: لا خالِقَ غير اللهِ يرزقُكم. استقامَ الكلام لكنْ قال: (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ )) صارَ أبلَغ، لأنه يتَضَمَّن النَّفي والتَحَدِّي كأنَّه يقول: أروني خالِقًا غير الله يرزقُكم مِنَ السماء والأرض، كما قال تعالى في آية أخرى: (( أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ ))[فاطر:40] طيب يقول: (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ )) (خالِق) الخَلْق في اللُّغة: التقْدِير ومنه قولُ الشاعر:
ولأنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وبعضُ الناسِ يَخْلُقُ ثم لا يَفْرِي
(تَفْرِي ما خَلَقْت) يعني ما قَدَّرْت ولكنَّه يُطْلَقُ على الإِيجَاد المسْبُوقِ بتقْدِير، نعم، فهو خالِق بمعنى
الطالب: ..
الشيخ : لا، بمعنى مُوجِد إِيجَادًا مَسْبُوقًا بتقْدِير، طيب (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ )) الجواب؟ لا، لا خالقَ غيرُ اللهِ يرزُقُنا مِن السماءِ والأرض، وقد سبق لنا إِيرَادٌ على نَفْيِ الخلْق عَمَّا سوى الله، وقلنا: إنَّه قد جاءَت نُصُوص تدُلُّ على أنَّ غيرَ الله يخلُق، وأجبْنَا عن ذلك بماذا؟ بأنَّ خلقَ غيرِ الله؟
الطالب: ليس إيجادًا.
الشيخ : نعم ليس إيجادًا ولكنَّه تحوِيلٌ مِن صُورَة إلى صُورَة وأيضًا ليس عامًّا، والشيء الثالث: أنَّ خلْقَ غيرِ الله هو مِن خلْقِ الله .. (( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ))[الصافات:96] حتى ... إذا خلقْت هذا الشيء يعني أوجدته بمعنى غيرْته مِن حال إلى حال فإنَّ فِعْلي هذا مخلُوقٌ للهِ عز وجل، فعليه نقول: إنَّ الخالقَ الحقيقي هو الله، وقولُه: (( يرزقُكم )) بمعنى يعطِيكم لأَنَّ الرزق بمعنى العطاء كما في قولِه تعالى: (( فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ))[النساء:8] وقولُه: (( مِن السماء )) فسَّر المؤلف الرِّزْق مِنَ السماء بالمطر وهذا لاشكَّ أنَّه داخل فيه فإنَّ المطر مِن الرزق النازل مِن السماء، وهل هناك غيرُه رِزْق ينزل مِنَ السماء؟
الطالب: الوحي.
الشيخ : نعم الوَحي وهو ليس معنا، وفي شيء آخر.
الطالب: المن والسلوى.
الشيخ : المن والسلوى، وش المن والسلوى؟
الطالب: ..أنزل على بني إسرائيل.
الشيخ : على بني إسرائيل، طيب لِماذا لا نقُول الطيور مطلقًا مثلًا؟ (( أَوَلَمْ [كذا] يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ ))[النحل:79] فهي تنْزِل مِن السماء وهي رِزْقٌ لِلعِباد أيضًا.
الطالب: ومِن الأرض.
الشيخ : ومِن الأرض، هي مِن الأرض ومِن السماء، طيب ممكن أن نقول إنَّ الطَّل مِن الرزق؟ ..... الرُّطُوبة هي مِن السماء أيضًا وهي رِزْق، لأنها تنْفَع الأشجارَ، طيب، وقولُه: (( مِنَ السَّمَاءِ )) (( و )) مِن (( الأَرْضِ )) قدَّر (مِن) إشارةً إلى أنَّ الأرض معطُوفة على إيش؟ السماء، النبات صح؟
الطالب: ....
الشيخ : صح لكنه قاصِر لأنَّ الرِّزْق مِن الأرض أكثَر مِن النَّبَات: النَّبات والمعادِن والمياه وغير ذلك، كثِير، مِن الأرض، وقولُه: " وللاستفْهَام للتقرير أي لَا خالِقَ رازِقَ غيرُه " قولُه: " للتقرير " ثم قال: " أي لا خالق " هذا شبه تناقُض، لأنَّ قوله:" لا خالق " يقتضي أن يكون معناه النفْي وهو كذلك، فهو للنفي الـمُشْرَبِ التَّحَدِّي، وأنَّه لا خَالِق إلا الله، إذا كان لا خالقَ إلا الله سبحانه وتعالى فما الواجب: أن نعْبُدَ الله وحدَه أو لا؟ اسْتَمِعْ قال الله عز وجل: (( لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ )) أي لا مَعْبُودَ حقٌّ إلا هُو، وكيف تعلمون أنَّه لا رازق يرزُقُنا مِن السماء والأرض إلا الله ثم تذهَبُون تعبُدُون غيرَه؟! هل هذا إلَّا نَقْصٌ في التصَوُّر ونقص في العَقْلِ أيضًا والتصرُّف، نقْصٌ في التصَوُّر والعَقْل والتَصَرُّف أليس كذلك؟ إذا كان لا رازِقَ إلَّا الله كيف تعبُد اللات والعُزَّى ومَنَاة وهُبَل والأشْجَار والأحْجَار والشَّمْس والقَمْر والبَقَر أيضًا؟! فيه ناس يعبدُون البَقَر، نعم، يقولون: إن فيه ناس اليوم يعبُدُون البقَر، وأنَّه إذا مَرَّت البَقَرَة على طريق القِطَار الحَدِيد فإنه يجِب أن يَقِف ولو تَكَسَّرَ كُلُّ مَن فيه، نعم وطبعًا القطار يمشِي بسرعة إذا وقَف تَصَادَمَت الأقواس ومات اللي فيها وتكسر، يقول لازم، لأن هذه إلَه والإلَه ما يمكن إنَّك تدعَسه.
الطالب: .... ولَّا تدخل الدكان وتاكل
الشيخ : وتأْكُل ما شاءت وتدَع ما شاءَت، المهم هل هذه عقول؟ ما هي عقول، في الجاهلية يصْنَعُون إلهًا من التَّمْر فإذا جاعوا أَكَلُوه، نعم، أكَلُوا الإِلَه