تفسير قول الله تعالى : (( وإلى الله ترجع الأمور )) حفظ
(( وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ )) قوله: (( إلى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ )) الجَارّ والمجرور مُتَعَلِّق بإيش؟ (تُرْجَع) وقُدِّم، لإفَادَة الحَصْر، لأَن إِلى اللهِ لا غيرِه تُرْجَعُ الأُمُور، وقد يُقَال إنَّه قُدِّمَ أيضًا لِفَائِدَة لَفْظِيَّة وهي مُرَاعَاة الفواصل، طيب قال المؤلف: (( تُرْجَعُ الأُمُورُ )) في الآخِرَة فيُجَازِي الـمُكَذِّبِين ويَنْصُرُ الـمُرْسَلِين " وهذا أيضًا مِن القُصُور، لأَن (( تُرْجَع الأمور )) في الآخِرَة وفي الدُّنيا أيضًا، نعم، فإنَّ الله ينْصُرُ المرسَلين في الدنيا ويُعَاقِب للمكذبين (( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ))[غافر:51] انتبهوا، إذًا (( ترجع الأمور )) عَامّ، أمور الدنيا والآخرة وأُمُور الشَرَّع وأُمُور القَدَر فَكُلُّ الأمور تُرْجَع إلى الله عز وجل، هو الأول والآخِر منه الـمُبْتَدَا وإليه الـمُنْتَهَى قال اللهُ تعالى: (( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ))[الأعراف:54] قال ابنُ عمر رضي الله عنه: " مَن كَانَ لَه شَيْءٌ فَلْيَأْتِ بِه " لأَنَّ الله يقول: (( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ )) وش يبقى؟ إذا كَان الخَلْق -وهو الإيجَاد- للهِ، والأمر في التَّصَرُّف والتَصَرُّف لله اش بقي لنا؟ ما بَقِيَ شيء، ولهذا لم يبق شيء مِن .. لأحد أبدًا فالأمور كلُّها لله، طيب، الأُمُور هنا جَمْع أَمْر وما معنى الأَمْر هنا؟ طَلَبُ الفِعْل على وَجْه الاسْتِعْلَاء؟
الطالب: الشُؤُون.
الشيخ : الأُمُور بمعنى الشئون انتبه يا أحمد! لأَنَّ الأمر الذي بمعنى طلب الفعل على وَجْهِ الاستعلاء جمعُه أَوَامِر لا أُمُور، فالأُمُور هنا جَمْعُ أَمْر بمعنى الشَأْن أي شئون الدنيا والآخِرَة وشؤون القَدَرِيَّة والشَرْعِيَّة كُلُّها تُرْجَع إلى الله سبحانه وتعالى، طيب وإذا كانت تُرْجَع إلى الله وقد كُذِّبَتِ الرُّسُل فما مَصِيرُ الرُّسُل والـمُكَذِّبِين؟ مَصِيرُ الرسل النَّصْر في الدنيا والآخرة، ومصِيرُ الـمُكَذِّبِين الخُذْلَان والخِزْيُ والعار في الدنيا وفي الآخِرَة والله أعلم.