تتمة فوائد قول الله تعالى : (( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك )) حفظ
ومنها: إثبات نِعْمَةِ اللهِ عزَّ وجل على العباد بإِرْسَالِ الرُّسُل، لقولِه: (( فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُل )) والرُّسُل إِرْسَالُهُم من أَكْبَرِ النِّعَم، لأننا لا نستطيع أن نعْرِف كيف نعبُدُ الله إلَّا عن طَرِيق الرُّسُل، الإنسان يعرِف مثلًا بفطْرَتِه أنَّ الله تعالى موجُود وأنَّ له ربًّا خالِقًا مُدَبِّرًا لكن لا يعرِف كيف يصِل إلى هذا الرَبّ إلا مِن طريق الرُّسُل.
ومِن فوائد الآية أيضًا: إثْبَاتُ حِكْمَةِ اللهِ عز وجل حيث جَعَلَ للرُّسُل مَن يُكَذِّبُهم، لأنَّه لولا تكذِيب مَن كَذَّبَ الرُّسُل ما حصَل الامْتِحَان فهذه مِنَ الحِكَمِ العظيمة أن يَجْعَلَ اللهُ للرُّسُل مَن يُكَذِّبُهُم، لولا تكذيبُهم لم يحصُل الامتحَان إذ لو كَان الناسُ كلُّهم على الطاعة ما تَمَيَّزَ الخبِيث من الطَيِّب ولا تَمَيَّزَ الـمُؤْمِن مِنَ الكَافِر {يرحمك الله} ولا قَامَتْ سُوقُ الجِهْاد ولا الأَمر بالمعْرُوف ولا النَّهْي عنِ المنْكَر، نعم، ولهذا قال الله تعالى: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُم مُؤْمِنٌ ))[التغابن:2] وقال تعالى: (( وَلَكِن لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ))[محمد:4] فهذه مِن الحكمة في وُجُود المكَذِّبِين للرسل، في هذا الحِكَم كثيرة منها أيضًا أنَّه لا يَتَبَيَّنُ الحَقّ حتى يُعْرَفَ الباطل كما قيل: " وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الأَشْيَاء " فلولا الباطل الذي يُنَازِعُ الحَق ما عرفْنَا الحق لكان الكُلُّ سَوَاءً ولا نعرِفُ هذا ولا .. بالباطل.