تفسير قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا )) حفظ
قال المؤلف: " وَنَزَلَ في أبي جَهْلٍ وغيرِه (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ )) " إلى آخِرِه، أبو جهل كان يُسَمَّى في الجاهِلِية أبا الحَكَم يعني أنَّه ذُو حِكْمَة وعَقْل ورَوِيَّة لكنه سُمِّي في الإسلام أبا جَهْل، لأن أعظَمَ جَهْلِه أن يَبْقَى على كُفْرِه ولا يُؤْمِن بالله، نَزَل (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )) (( أَفَمَن )) الهمزة هنا للاستفهام، والفاء حَرْفُ عطف، والمعطوف عليه مُختَلَفٌ فيه فمنهم مَن قال: إنَّه مُقَدَّرٌ بين الهمزة وحرفِ العطف ويكونُ بحسب السياق، ومنهم مَن قال: إنه مَعْطُوف إنَّ المعطُوف عليه ما سبق، فعلى الأَوَّل: نُقَدِّر المحذوف بما يُنَاسِبُ المقام فمثلًا قولُه تعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ))[يوسف:109] التقدير: أَغَفَلُوا فلم يسيروا في الأرض، وهنا يقول: (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عمله )) نُقَدِّرُها بما يُنَاسِب فنقول في التقدير إيش: أتُدْرِكُون هذا الشيء فَمَنْ زُيِّنَ له سُوء عمَلِه، أو نقول: أَيَسْتَوِي الـمُؤْمِن والكَافِر فَمَن زُيِّن له سُوء عمله، ولكن القول الثاني في المسألة - أنَّه معطوف على ما سبق - أحسَن لماذا؟ لِأَنَّ الأصل عَدَمُ التقدير، ولأنه في بعض الأحيان يصْعُبُ على الإنسان أن يُقَدِّر المحذُوف، وعلى هذا القَول يقولون: إنَّ الفَاء تُقَدَّرُ سَابِقَةً للهمزة ... حرف العطف يُقَدَّرُ سابقًا للهمزة يكون فيه تقديم وتأخير، والتقدير على هذا فَأَمَن زُيِّن له سُوء عمله، وقوله: (( زُيِّنَ له سُوءُ عَمَلِه )) مَن الـمُزَيِّن؟ ذَكَرَ الله عز وجل أن الـمزَيِّن الشيطان، وذَكَر أنَّ الـمُزَيِّن هُو الله (( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ))[النمل:4]، وقال تعالى: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ))[النمل:24]، وفي بعض الآيات يكون الـمُزَيِّن مُبْهَمًا كما في هذه الآية، وكما في قوله: (( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ))[آل عمران:14] إلى آخرِه فالمزين الله، والمزين الشَّيطَان: فإذا قلت: كيف تجمع بين هذا وهذا؟ فالجَوَاب أنَّ المزَيِّن المباشِر هو الشيطان، أمَّا الله فهو مُزَيِّنٌ بالتقْدِير يعني هو الذي قَدَّر على الشيطان أَن يُزَيِّن لهم، ومعْلُومٌ أنَّ الله تعالى خَالِق الشيطان وما نَتَجَ مِن أَعْمَالِه فهو مُضَافٌ إلى الله كما نقول في الإنسان: أنَّه مخلوق لله وما نَتَج مِن أعماله فهو مخلوقٌ للهِ عز وجل، فيكون تَزْيِينُ الله تعالى حَسَب التقدير، يعني هو الذي قَدَّر أن يُزَيِّن الشَّيْطَان لَهُم أعمالَهم، وقولُه: (( زُيِّنَ لَه سُوءُ عَمَلِه )) (عَمَل هو مُضَاف مُفْرَدٌ مُضَاف ويَشْمَل كُلَّ الأعمال سَوَاءٌ كان الشِّرك أَو العُدْوَان على الغَيْر أو سُوءُ السُّلوك وفَسَاد الأخْلَاق أو غير ذلك المهم أنه شَامِل لِكُلِّ الأعمال، وقال المؤلف: " بالتَّمْوِيه " وش معنى (بالتَّمْوِيه)؟ أنه يُمَوِّه على الناس أنَّ هذا العمل الذي يقُوم به عَمَلٌ حَسَن، (( فَرَآهُ حَسَنًا )) (( فَرَآهُ )) أي رَأَى سُوءَ عَمَلِه حَسَنًا وهذا أشَدّ ما يكون أن يكونَ الإنسان على خَطَأ ويرى أنَّه على صَوَاب، لأَنَّ مثل هذا لا يَكَادُ يُقْلِعُ عن غَيِّه حَيْثُ أَنَّه يَعْتَبِرُه صَوَابًا، ومِن ذلك - مثلًا - أصْحَاب الحِيَل الـمُخَادِعُون فالـمُنَافِقُ مثلًا زُيِّنَ له سوءُ عملِه، لأنَّه يرَى أنَّه ذَكِي (( إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ ))[البقرة:14] وهذا مِن سُوءِ العمل، الـمُتَحَيِّلُونَ على الرِّبَا بأنواعِ الحِيَل هؤلاء أيْضًا زُيِّنَ لهم سُوءُ أعمالِهم ولهذا لا تكَاد تجِدُهم يقلِعُون على ما هم عليه لأنَّه قد زُيِّنَ ذلك في نفوسِهم فلا يُقْلِعُون عنه، المهم أنَّ هذا له أَمْثِلَة كَثِيرَة، بقي علينا أن نقُول: (( مَنْ )) مبتدأ فأين خبره؟ قال المؤلِّف رحمه الله تعالى: " (مَن) مبتدأ خبرُه (كمن هَدَاهُ الله) " بعده؟
الطالب: " لا، دل عليه "
الشيخ : طيب (( أَفَمَن زُيِّن له سوء عمله )) يعني كَمَن لم يُزَيَّن له سوءُ عمَلِهِ ورأى سُوءَ عمله سَيِّئًا لأَنَّ الذي زُيِّنَ له سوءُ عمله سيَسْتَمِر عليه والذي رآه سَيِّئًا سوف يَتَجَنَّبُه وهذا هو معنى قول المؤلف: " كمَن هداه الله " ومثلُ هذا التعبير يأتي في القرآن كثيرًا كما في قوله تعالى: (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] فالخبر محذوف أي كمَن ليسَ كذلك يقول: " لا " إيش معنى " لا "؟ يعني: ليس هذا كهذا، لأن بينهما فرْق فإنَّ مَن زُيِّنَ له سوءُ عمله سيبقى على ضلالِه ومَن لم يُزَيِّن له سوءُ عملِه فرآه سَيِّئًا فسيتجَنَّبُه ولا يقَعُ فيه، قال المؤلف: " دَلَّ عليه (( فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يشاء " دل عليه ..... طيب
الطالب: " لا، دل عليه "
الشيخ : طيب (( أَفَمَن زُيِّن له سوء عمله )) يعني كَمَن لم يُزَيَّن له سوءُ عمَلِهِ ورأى سُوءَ عمله سَيِّئًا لأَنَّ الذي زُيِّنَ له سوءُ عمله سيَسْتَمِر عليه والذي رآه سَيِّئًا سوف يَتَجَنَّبُه وهذا هو معنى قول المؤلف: " كمَن هداه الله " ومثلُ هذا التعبير يأتي في القرآن كثيرًا كما في قوله تعالى: (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] فالخبر محذوف أي كمَن ليسَ كذلك يقول: " لا " إيش معنى " لا "؟ يعني: ليس هذا كهذا، لأن بينهما فرْق فإنَّ مَن زُيِّنَ له سوءُ عمله سيبقى على ضلالِه ومَن لم يُزَيِّن له سوءُ عملِه فرآه سَيِّئًا فسيتجَنَّبُه ولا يقَعُ فيه، قال المؤلف: " دَلَّ عليه (( فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يشاء " دل عليه ..... طيب