تفسير قول الله تعالى : (( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا )) حفظ
(( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ )) (( مَن )) اسمُ استِفْهَام أو شَرْطِيَّة؟
الطالب: .....
الشيخ : الدليل؟
الطالب: ......
الشيخ : ما هو بعد ..... يأتي بعد (مَن) استفهام، لكن الجَوَاب والشَّرْط فيها ظاهر يعني نقول: أيُّ إنسان يُرِيدُ العِزَّة فلله العِزَّة جميعًا (( مَن كان ))، لكنَّها عامَّة، لَأَنَّ أسْمَاء الاستفهام وأسماء الشَّرْط والأسماء الموصُولة كُلُّها تُفِيد العموم، يعني أيُّ أَحَدٍ يُرِيد العِزَّة أو يطلُبُها ويحرِصُ عليها، والعِزَّة هي الغَلَبَة والـمُنْعَة وقَهْر الأعداء (( فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) أي فَلْيَطْلُبْهَا مِنْه ما دامَتِ العِزَّة له مُلْكًا وَتَصَرُّفًا فإنَّها لا تُطْلَب إلا مِنْه كما لو قُلْت: مَن كَانَ يُرْيدُ الـمَال فالـمَالُ عند زَيْد المعنى: فليأتِ بالمال مِن زيد، هنا (( مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّة )) فليطلُبِ العِزَّةَ مِنَ الله لا من غيرِه، وهذا يُرَادُ به الرد[قطع في الشريط] يعبُدُون الأصنام نعم، لأجل أن يَتَّخِذُوا منها العِزَّة ففي هذه الآية إشارة إلى أنَّه لا عِزَّةَ لهذه الأصنام (( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ))[مريم:81] الجواب: (( كلا )) لن يكونوا لهم عِزًّا بل بالعكس سَيُذِلُّونَهُم في مَوْقِعٍ هم أحوَجُ ما يكونُ إلى العِزَّة (( سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ))[مريم:82] فأين العزة في هذه الأصنام أو في هذه الآلهة التي اتَّخذُوها من دون الله، طيب ورد في العزة في آياتٍ كثيرة من القرآن وردَتْ في آية أخرى (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ))[المنافقون:8] ولا مُنَافَاة بينها وبين هذه الآية فإن العِزَّة لله أصلًا، ولرسوله منين؟ مِن الله، وللمؤمنين مِن الله فحينئِذٍ فالعزةُ كلُّها لله كما قال الله تعالى في سورة آلِ عمران: (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[آل عمران:26] فكلُّ مَن عنده عِزَّة فإنها ليست عزةً ذاتِيَّةً له من باب نفسِه ولكنها منين؟ من الله عز وجل، وبماذا تكون العزة التي يكتسِبُها الإنسان وهي مِنَ الله؟ تكونُ بما علَّقَ اللهُ العزةَ عليه وهي الإيمان، (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )) فمتى أرادَ الإنسان العزة فليكُن مؤمنًا وكلما كان أكثر إيمانًا بالله وأقوى إيمانًا بالله كان أكثَرَ عِزَّةً وأقوى عِزَّة ولهذا قال عُمَر رضي الله عنه : " إننا قومٌّ أعزَّنا اللهُ بالإسلام فمَتى أردْنَا العزة بسِوَاه أذَلَّنا الله " وصدقَ رضي الله عنه، العرب لما كانوا عَربًا ليس عندهم إسلام ماذا كانوا؟ كانوا أَذِلَّة كانوا أَذِلَّةً فُقَرَاء يذْهُبون إلى اليمن في الشتاء ليأتوا بالسِّلَعِ منه ويذهبون إلى الشام في الصيف لِيَأْتُوا بالسِّلَع منه، فهم فُقَرَاء يأكُلُون مِن غيرهم، ولكن لما آمَنُوا صاروا هُم الأغْنِياء وصارت كنوزُ كِسْرَى وقَيْصَر تأتي إلى المدينة لِتُنْفَق عليهم مِن المدينة، نعم، إذًا نحنُ مهما أردْنا العزة لن نَسْتَعِزَّ إلا بالإسلام، لن يكونَ أعداءُ الله سببًا لِعِزِّنَا أبدًا بل إن توَلِّينَا إياهُم وموالاتَنا لهم سببٌ للذُلّ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ))[آل عمران:118] وإذا تَتَبَّعْتَ الواقع وجدتَّه شاهدًا لقول الله تعالى هذا، وأنَّ أعداءَ المسلمين لا يمكِن أبدًا أن يسْعَوْا في إِعْزَازِ المسلمين بل يسْعَوْن بكل جُهْدِهم إلى إذْلَالِ المؤمنين وخُذْلَانِ المؤمنين لكنَّهم يمْكُرون ويخادِعُون ويسْخَرُون ويَسْتَهْزِئُون لِيَنَالُوا مَآرِبَهُم ويَضْرِبُوا الناس بعضَهم ببعْض، فالحاصل أنَّه إذا كانت العزة لله فمِن أين نطلبها؟ مِن الله لا مِن غيرِه (( فلله العزة جميعًا )) (جميعًا) هذه حَالٌ مِن العِزَّة التي هي المبتدأ المؤَخَّر، وفي قولِه: (( فلله العزة )) فيها حَصْر العزة لله عز وجل، وجهُه؟
الطالب: .....
الشيخ : لا، إن قلت: تقديم الجار والمجرور غلط، تقديمُ المعمول غلط، تقدِيمُ اللام غلط، تقديم الخبر صح.
الطالب: .....
الشيخ : لا قد يكون الجار والمجرور غير خطأ، ما عَلَىّ المقصود ما مقصود أنا ما أَعْرِف إلا لفظَكم إنما أقضِي بنحْو ما أسمَع، لو قلت: تقديم الخبَر انتهى الإِشْكَال سواءٌ كان جار ومجرور أو غير جار ومجرور، إذًا تقديمُ الخبر يفيد الحصر، لأن لدينا قَاعِدَةً مرَّت علينا وهي: تقديم ما حقُّه التأخِير، طيب وقولُه: (( جميعًا )) يُرَاد به الأنواع يعني عموم الأنواع وعموم الأزمان وعموم الأمْكِنَة، عموم الأنواع التي هي عِزةُ القَدْر والقَهْر وش بعد؟ والامْتِناَع، الأحوال قَصْدنا الأزْمَان الدنيا والآخرة، المكَان: في مشارِقِ الأرض ومغاربِها (( لله العزة جميعًا ))، طيب قال المؤلف: " أي في الدنيا والآخرة " قال: "فلا تُنَال منه " أي فلا تُناَل العزة مِن الله " إلا بطَاعَتِه فَلْيُطِعْه " في عندكم فلْيُطِعْهُ ولَّا فَلْنُطِعْه بالنون.
الطالب: .....
الشيخ : اي فليُطِعْه أي مَن كان يريدُ العزة لأنه قال: (( من كان يريد العزة ))، طيب أفادَنا المؤلف أنَّ جواب الشرط محذُوف وهو قوله: " فليُطعْه "، ولكن الصواب أنَّ التقدير: فليطلبْها مِن الله (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) فليطلبْها منه، ويشمَل الطَّلَب بلِسَانِ الحال وبلِسَان المقال عرَفْت؟ أما على رأي المؤلف