تفسير قول الله تعالى : (( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )) حفظ
ويدل على هذا - أنهم لا يملكون شيئًا - قوله: (( إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم )) )(إن)( هذه شرطية، وفعل الشرط تدعوهم وهو مجزوم بحذف النون، وجواب الشرط لا يسمعوا دعائكم وهو مجزوم أيضًا بحذف النون، يعني هذه الأصنام إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم، لو تدعون هذه الأصنام إلى يوم القيامة ما سمعوا، لأنها جماد قال الله عز وجل: (( ولو سمعوا )) قال المؤلف: " فرضا " (( ما استجابوا لكم )) ما أجابوكم، يعني لو سمعت هذه الأصنام دعائكم ما استجابت لكم، أي ما أجابتكم، سواءٌ قلتم: يا لات! يا عزى! يا يعوق! يا يغوث! يا نسرًا! لو سمِعَت هذا الدعاء هل تجيبكم تقول: نعم ماذا تريدون؟ لا، ولا تعطيكم المطلوب أيضًا، حتى لو سكتت ما .. لكم شيء ولهذا قال: (( ما استجابوا لكم )) يشمل الاستجابة بالقول بأن تقول هذه الأصنام: ماذا تريدون؟ والاستجابة بالفعل وهي إيصال المطلوب إلى هؤلاء الطالبين، لا تستجيب لا هذا ولا هذا، وقال المؤلف: " (( استجابوا لكم )) أي أجابوكم " مثل قوله تعالى: (( فاستجاب لهم ربهم )) أي أجابهم، نعم، (( فليستجيبوا لي )) أي فليجيبوني، وأمثال هذا كثير، فالاستجابة هنا بمعنى الإجابة، أي أن هذه الأصنام لا تجيب، (( ويوم القيامة )) شف زد على ذلك " (( ويوم القيامة يكفرون بشرككم )) بإشراككم إياهم مع الله أي يتبرَّؤُون منكم ومن عبادتِكُم إياهم " إذًا انتفى عنها إجابة الدعاء، ومع ذلك ليتهم سلِموا من شرِّها، يوم القيامة في هذا الموقف العظيم المشهور (( يكفرون بشرككم )) ويتبرَّؤُون منكم وهذا غاية ما يكون من الخذلان لأن يوم القيامة الناس فيه أحوجُ ما يكونون إلى النصر والعزة وهؤلاء الأصنام يوم القيامة تُذِلُّهم، كما قال الله تعالى: (( ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضًا )) يقول .. إبراهيم: (( وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانًا مودةَ بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعَن بعضكم بعضًا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين )) في هذه الآية دليل .. أن هذه الأصنام لا تملك نفعًا لعابديها هذي واحدة، ثانيًا وتزيد عابديها ذُلًّا وخُذْلَانًا في الموضع الذي يكونون فيه أحوج ما يكونون إلى العز والنصر، (( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ))
ثم قال: (( ولا ينبِّئُك مثل خبير )) ولا ينبئك أي يخبرُك بأحوال الدارَين (( مِثْلُ خبير )) عالم وهو الله تعالى، )
(ولا ينبئك)( هذه الجملة الخبرية منفية يعني لا ينبئك أحدٌ بأخبار هؤلاء سواء في الدنيا أو في الآخرة وقول المؤلف رحمه الله: في الآخرة بأحوال الدارين، يشمل ... فسرها على ما هي عليه، يعني لا ينبئك بأحوال الدنيا والآخرة وما يكون لهؤلاء العابدين من هذه الأصنام لا ينبئك أحد مِثْل مَن هو خبير بالأحوال، ولو سُئِلْنا من الخبير بالأحوال لقيل: الله، وهذه الجملة سارت مسْرَى المثل عند العرب: إذا أرادوا أن يؤكدوا الشيء قالوا: لا ينبئك مِثْلُ خبير أو أحيانًا يقولون: على الخبِيرِ سقطت، يعني أنك وصلت إلى العلم اليقين الذي يصدُر عن خِبرة، إذا كان لا ينبئنا مِثْلُ خبير وهو الله وقد أنبأَنا بحال هذه الأصنام مع عابدِيها فهل يليق بنا ونحن عقلاء