تابع لتفسير قول الله تعالى : (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير )) حفظ
يخشون فهي على صلة الموصول، وهنا قال: يخشون - وأقاموا الصلاة فعطف الماضي على المضارع، لأن الخشية مستمرة في الأعمال كلها إقامة الصلاة وغيرها، وقوله: (( أقاموا الصلاة )) قال المؤلف: " أداموها " والحقيقة أن إقامة الصلاة أعمُّ مما قال، ففي تفسيره قصور، لأن إقامة الصلاة تشمل إتمامَها وإكمالَها والمحافظة عليها والمداومة عليها، واستمع إلى قوله تعالى: (( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون )) هذا من إقامة .. ثم قال: (( والذين هم على صلواتهم يحافظون )) هذا أيضًا من إقامتها يحافظ عليها ويحرص عليها، على واجباتها ومكملاتها وأوقاتها، وقال في سورة السائل : (( الذين هم على صلاتهم دائمون )) وفي آخرها قال: (( والذين هم على صلاتهم يحافظون )) فإقامة الصلاة يشمل كل ما فيه إكمالها وإتمامها وإدامتها، فهو أعم مما قال المؤلف، وقوله: (( الصلاة )) يشمل الفرض والنفل، لأن )(الـ)( تفيد العموم أي أقاموا كل صلاة، والصلاة معروفة هي في اللغة الدعاء، وفي الشرع التعبُّد لله سبحانه وتعالى بأقوال وأفعال معلُومة مفتَتَحة بالتكبير مختَتَمة بالتسليم، قال: (( ومَن تزَكَّى فإنما يتزكى لنفسه )) الجملة هذه شرطية وفعل الشرط فيها تزَكَّى وجوابُه (( فإنما يتزكى لنفسه ... )) وقال: )(ومن تزكى)( قال المؤلف: " تطهر من الشرك وغيره " تزكى أي: تطهر من الشرك وغيره، لأن الزكاة تفيد معنى الطُّهْر والمراد بالتزكي هنا هو ما دل عليه قوله تعالى: (( قد أفلح من تزكى )) وقوله: (( قد أفلح من زكاها )) أي مَن زكَّى نفسه أي طهَّرَها من الشرك، وقول المؤلف: " وغيره " كإرادة السوء مثلا والمعاصي وإرادة المساوئ للخلق وغير هذا مما يجب على الإنسان أن يطَهِّر نفسَه منه تطهيرًا عامًّا، هل يدخل في ذلك أداء الزكاة؟ نعم يدخل في ذلك، لأن أداء الزكاة تطَهُّر من البخل ومن .. فهي داخلة في قوله: (( ومن تزكى ))، وقوله عز وجل: (( فإنما يتزكى لنفسه )) والمراد بهذا الحثّ على التزكي لأنك إذا تزَكَّيت فإنما تنفع نفسك، لأن ومن لم يتزكى فضررُه على نفسه، فأنت إذا تزكيت فالذي ينتفِع بتزكيك أنت نفسُك، فالله عز وجل لا ينتفع بطاعتك، أما غير الله فقد ينتفع بطاعتك لا لِأَن حسناتِك له، ولكن قد ينتفع بطاعتك بالقدوة بك وبما يحصُل مِن علم أو غير ذلك مما هو داخل في التزكية، وقوله: (( فإنما يتزَكَّى لنفسه )) أي فعليه أن يحرص على التزكي (( وإلى الله المصيرُ )) المصير بمعنى المرجِع كما قال المؤلف والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدّم، و)(المصير)( مبتدأ مؤخر، وهذه الجملة تفيد الحصر، لأنه قُدِّم فيها الخبر وحقُّه التأخير يعني: إلى الله وحده المصير أي المرجع، هل هو في الدنيا أو في الدنيا والآخرة؟ في الدنيا والآخرة، إلى الله المصير في الدنيا والآخرة، فمرجع الأمور كلها إلى الله عز وجل لا في الدنيا ولا في الآخرة، الأحكام الشرعية مرجِعُها إلى من؟ إلى الله (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمُه إلى الله ))، الأحكام الكونية مرجعُها إلى الله (( ولكن الله يفعل ما يريد ))، الأحكام الجزائية اللي تكون يوم القيامة مرجعها إلى الله، فمصير كل شيء إلى مَن أبدع وأحدث كلَّ شيء فالذي أبدع الأمور وأحدثَها هو الله، إذًا مرجعها إلى الله، فمنه المبتدا وإليه المنتهى، قال المؤلف -تفريعًا على قوله: (( وإلى الله المصيرُ ))-: " فيجزي بالعمل في الآخرة " وهذا إشارة من المؤلف إلى أنَّه قصَر المصير هنا للمرجع يوم القيامة والصواب العموم، وعلى هذا فالله سبحانه وتعالى يجازي ويحكم قدرًا ويحكم شرعًا بين عباده والفوائد الآن من
الطالب: (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ))
الطالب: (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ))