فوائد قول الله تعالى : (( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود )) حفظ
في هذه الآية مِن الفوائد التنبيهُ على أنَّه ينبغي للإنسان أن يتفَكَّر في خلْقِ الله عز وجل لقولِه: (( ألم تر أن الله )) فإنَّ هذا تقرِير، والتقرير لا يكون إلا بعد أن ينظُرَ المقَرَّر فيما قُرِّرَ به حتى يُقِرَّ به ويعتَرِف.
ومِن فوائد الآية الكريمة بيانُ قدرة الله عز وجل وحكمتِه ورحمتِه وذلك بإنزَال الماء مِن السماء ففيه قُدرَةٌ عظيمة أن ينزل هذا الماءُ الذي يكون بِحَارًا أحيانًا يُدَمِّر ما مَرَّ عليه من البناء ويجْتَرِفُ الأراضي مع أنَّه ينزِل مِن هذا السحاب الرقيق الذي تخترِقُه الطائِرة كما نُشَاهِد، ويتمَزَّق عندما يمُرُّ بالجبال وبالبِنَاء وما أشبَهَ ذلك تنزل منه هذه المياهُ العظِيمة، هذا تمامُ القدرة، تمامُ الرحمة ما يحصل مِن هذا المطر مِن الآثار النافعة للعِباد، تمام الحِكْمَة لأنَّ هذا المطر ينزِل مِن أعلى حتى يشمَل المرتفع والمنخَفِضَ مِن الأرض ولو كان يمشي مشيًا كالأنهار لكانَ الأسفل مِن الأرض يَرْوَى بالماء بل يغْرَق، وأمَّا الأعلى فلا يُصيبه شيءٌ، وهذا مِن تمام حكمَة الله عز وجل أنَّه ينزل مِن فوق.
ومن فوائد الآية الكريمة إثباتُ الأسباب، لقوله: (( فأخرجْنَا به ثمراتٍ )) فإنَّ الباء هنا للسببية، ففي الآية إثباتُ الأسباب وأَنَّ الله سبحانه وتعالى قد قرَن الأشياءَ بأسبابِها وهذا مِن تمامِ حكمَتِه أن تكُون الأسبَاب والمسبَّبَات مُتَلازِمَات، مِن المعلوم أن الله قادر على أن يُخْرِج هذه الثمرات بدون مَاء ولكن قد جَعَل لكل شيء سببًا.
ومِن فوائد الآية الكريمة بيانُ قُدْرَةِ الله عز وجل بإخراج هذه الثمرات المخْتَلِفَة الألوان مع أنَّها في أرض واحدة وتُسْقَى بماءٍ واحد، ويظهرُ لك ذلك جلِيَّا إذا نظرْتَ إلى الزُّهُور كيف تجِد هذا الاختلاف العجيب بينها مع أنَّها تُسْقَى بماء واحد.
ومِن فوائد الآية الكريمة الحكمة في اختلافِ هذه الثمرات، لأن لو كانت هذه الثمرات طبيعتُها واحدة لَمَلَّ الناس منها ولم يحصُل لهم كمالُ اللَّذَّة، فإذا اختلفَتْ حصَل كمالُ اللذة وعدَم الملَل والسَآمَة.
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا بيانُ قدرة الله عز وجل ورحمته وحكمتِه فيما نرى في الجبال مِن الجُدَد المختلفة، لأن هذا دليلٌ على القدرة حيث جعَلَ هذا بين هذا، ودليل على الحكمة، لأنَّ الغالب أن ما في بطونِ هذه الجبال يكونُ معادِن مُفِيدَة للإنسان، كذلك بيان الرحمة بالخلْق بإيداَع هذه الأشياء في بُطُون هذه الجبال.
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا بيانُ قدرة الله عز وجل حيث أنه يجْعَل بعض الجبال فيها السَّوَاد الخالِص، ... وقد يكون الجبلُ كلُّه أسود، وأحيانًا نرى جبلًا أسود وإلى جانبِه جبلًا أبيض، فهذا كلُّه مِن تمامِ قدْرَةِ اللهِ عز وجل.
ومِن فوائد الآية ما يَتَرَتَّبُ على النظَر في هذه الخلوقات مِن الاعتبار والاستِدْلَال بها على ما تتَضَمَّنُه مِن صفاتِ اللهِ سبحَانَه وتعالى