تتمة تفسير قول الله تعالى : (( ... إن الله عزيز غفور )) حفظ
قال الله تبارك وتعالى: (( إنَّ الله عزيز غفور )) (إنَّ الله عزيز) أي ذُو عِزَّة قال العلماء: والعِزَّةُ ثلاثَة أنواع عِزَّة القَدْر وعزة القهْر وعزة الامتناع، فأما عزةُ القدر فمعناه أن الله تعالى ذو قَدْرٍ عزيز، والقدر بمعنى المكانَة والشَّرَف والسُؤْدَد ونحو ذلك، عزةُ القهْر أي أنَّ الله تعالى غالِب غير مغلُوب ومنه قوله تعالى: (( فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب )) أي غلَبَنِي، عزةُ الامتناع أي أنَّ الله سبحانه وتعالى يمتَنِع عليه النَّقْص في ذاتِه أو في صفاتِه ومنه قولهم: أرض عَزَازٌ أي شدِيدةٌ صَلْبَة لا يتجاوَزُها شيْء لِصلابَتِها ولا يُؤَثِّر فيها شيء لِقوَّتِها وشدَّتِها فالعزَّةُ إذًا ثلاثة معاني عزةُ القدْر وعزةُ القهر وعزة الامتناع، طيب (( غفور )) أي ذُو مغفرة كما قال تعالى: (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) والمغفِرَة ستْرُ الذنب والتجَاوزُ عنه يدُلُّ لذلك اشتقاقُها فإنَّها مشتَقَّة مِن المِغْفَر وهو ما يُغَطَّى به الرأس وتُتَّقَى به السِّهَام، وفي المِغفَر سِتْر ووِقَايَة وعلى هذا فنَقُول: الغفُور ذُو المغْفِرَة وهي سَتر الذنب والتجاوُز عنه، ويدل لهذا المعنى زيادَةً على دلالة الاشتقاق ما ثبت في الحديث الصحيح: أنَّ الله عز وجل يخلُو بعبدِه المؤمن فيُقَرِّرُه بذنوبِه حتى يُقِرَّ بها، ثم يقول: ( قد سترتُها عليك في الدنيا وأنا أغفرُها لك اليوم ) يعني أتجاوَزُ عنها، وفي الدنيا سترها الله على العبد ومناسبة ذكرِ العِزَّة والمغْفِرة هنا بعد ذِكْرِ الخَشْيَة الإشارَة إلى أنَّ الله سبحانه وتعالى أهلٌ لأن يُخْشَى لأنَّه عزيز، وأنَّه إذا نقصَ شيءٌ مِن الخشية فإنه يُقابَل بِماذا؟ بالمغْفِرَة فهو عزيزٌ فلذلك كان أهلًا للخشية، وهو غفور إذا نقصَ شيء مما يجِبُ له مِن خشيتِه سبحانه وتعالى