تفسير قول الله تعالى : (( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور )) حفظ
ثم قال تعالى: (( إن الذين يتلون كتابَ الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقنَاهم سِرًّا وعلانِية )) زكاةً وغيرَها (( يرجون تجارة لن تبور )) تهلِك " الإعراب في هذه الآية واضِح ما فيه إشكال إلَّا أن قولَه: (( إن الذين يتلون )) تحتاج إلى خبَر فما هو الخبر؟ الخبر جملة (يرجون تجارة لن تبور) فهذا هو الصحيح مِن أقوال المعْرِبِين يعني: إنَّ هؤلاء فعلوا ذلك يرْجُون تجارَةً لن تبور فجملة (يرجون) هي خبر (إن) قال تعالى: (( إن الذين يتلون كتاب الله )) قال المؤلف: " يقرَؤُون " والصواب أنَّ التلاوة أعمُّ من القراءة والتلاوة نوْعَان تلاوةٌ لفظِية وهي القراءة، وتلاوة عملية وهي اتِّبَاعُ القرآن تصديقًا للخَبَر وامتثالًا للأمر، ولهذا يقال تَلَاه بمعنى تَبِعَه أي جاء بعده فالتلاوة أعَمُّ مِن القراءة، وهو التلاوة نوعان تلاوةٌ لفظية وتلاوة عمَلِية: تلاوة لفظية أن يقرأَ الإنسان القرآن، والتلاوةُ العملية أن يتَّبِعَه بامتثال أوامره وتصديقِ أخبارِه أو، نعم، بموافقَتِه وتصديقِ أخبارِه، التلاوةُ العملية تستلزم فهْمَ المعنى ولَّا لا؟ نعم، لأنَّه لا يمكن أن يعمَل إلا بما .. وعلى هذا يكونُ فعلُ الصحابة رضي الله عنهم تطبيقًا لهذه الآية تمامًا، لأَنهم لا يتجاوزون عشرَ آيات حتى يتعلَّمُوها وما فيها مِن العِلْم والعمل قالوا: " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا "، طيب يقول الله تعالى: (( إن الذي يتلون )) فعْلٌ مضارع يدُلُّ على الاستمرار بخلاف ما لو قال: إن الذين تلَوْا في الماضي فإنَّه لا يُفِيدُ المعنى الذي يفيدُه المضارع (يتلون)، وقوله: (كتاب الله) هل هو القرآن أو هو أعَمّ مِن ذلك؟ الجواب: أعمُّ من ذلك (كتابَ الله) الكتب التي أنزلها الله تعالى على الرسل فيشمل جميع الكتب لأنَّ هذا الحكم يشْمَل المؤمنين مِن هذه الأمة والمؤمِنِين ممَّن سبقَهُم فَيَكُون المرَاد بالكِتَاب هنا (كتابَ الله) المراد به كلَّ كتاب أنزلَه الله تعالى على رسلِه، (( يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة )) معْطُوفة على (يتلون) قال المؤلف:" أداموها " والصواب خلاف ما قالَه المؤلف يعني معناه أننا نختَارُ كلمةً أشدَّ مطابقَةً لِلَّفْظ، أقاموا الصلاة أي أتَوا بها مُسْتَقِيمَة فيشمَل فعلَ الصَّلاة تامَّةً بشروطِها وأركانِها وواجباتِها ومستحَبَّاتِها، ويشمل الإدامَة ولا لا؟ يشمل الإدامة أيضًا، لأن الإدامة مِن الإقامة وعلى هذا نقول: (أقاموا الصلاة) أي فعلُوها قائمةً أي مسْتَقِيمَة على الوجه المطلوب منه، لو أنَّ الإنسان أدامَ الصلاة لكن يُخِلُّ بأركانِها أو واجباتِها فهل يُقَال: إنه أقامَ الصلاة؟ لا، فالرجُل الذي جاء يصلي ولا يَطْمَئِنّ كان يصلي هذه الصلاة منذُ أسلم والرسول عليه الصلاة والسلام قال له: ( صلِّ فإنك لم تصلِّ ) مع أنه يُديم الصلاة ويُصَلِّي لكنه لم يصلِّ حيث أنه لم يأتِ بها قائمةً على الوجهِ المطلوب، فالصواب أنَّ الإقامة هنا بمعنى أن يفعَلَها على الوجه المطلوب منه، والصلاة معروفة للجميع لا تحتاج إلى تعرِيف، لأنها عبادةٌ ذات أقوالٍ وأفعالٍ معلومة مُفْتَتحة بالتكبير مُختَتَمة بالتسليم.
طيب قال: ( وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية )) أنفقوا بمعنى بذَلُوا وأخرجوا، (مما رزَقْناهم) مما أعطينَاهم لأَنَّ الرزق بمعنى العَطَاء، وقولُه مما رزقنَاهم هل (من) لبيانِ الجِنس أو هي للتبعيض؟ الأولى أن نجعلَها لبيان الجنس لِتشمَلَ ما لو أنفقُوا جميعَ أموالهم على الوجْه الذي يرضَاه الله ورسولُه فإنهم يدخُلون في هذا الوصف، وقولُه: ((سرا وعلانية )) (سِرًّا) مصْدَر نعم، ولكنها في موضِع الحال أي مُسِرِّين ومُعْلِنِين انتبه! مُسِرِّين ومُعْلِنِين، الإسرار أن يُخْفُوا الإنفاق فلا يعلَم به إلا المـُنفِق عليه، والإعلان أن يُظْهِرُوه للناس إما إظْهَارًا كاملًا شاملًا، وإما أن يكون إظهارًا نسبِيًّا يعلم به مَن حولهم، كلُّ ذلك يُمْدَحُون عليه، وسيأتي إن شاء الله في ذكرِ الفوائد أنَّ هذا يكون بحسب الحال، قال: (( زكاةً )) وغيرَها، غير الزكاة كالإنفاق الواجِب على الأقارِب وكصدقات التَطُوُّع فالإنفاق هنا شامِل، قال: (( يرجون تجارة لن تبور )) (يرجُون) يعني يُؤَمِّلُون ويطلُبون منه هذه التجارة، (( تِجَارَةً لن تَبُور )) أي لن تَهْلِك كما قال المؤلف: ما هذه التجارة؟ التجارَة ذكرَها الله عز وجل في قوله: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يغفر لكم ذنوبَكم ))[الصف:11] فهنا عِوض ومُعَوَّض، العِوَض الإيمان بالله والجهاد في سبيلِه، المعوَّض (( يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ))[الصف:12] هذه التجارة لا شكَّ أنَّها أربحُ التجارات وأنها أبقى التِّجَارات، أربحُ التجارات لأنَّ الرِّبْح فيها العَشْر مِائَة ولَّا لا؟ الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعف إلى أضعاف كثيرة، وأبقى كذلك هي أبقى التجارات بلا شكَّ لأنَّها في جنات عدن أي في جنات إقَامة لا ظَعْن فيها والله أعلم
طيب قال: ( وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية )) أنفقوا بمعنى بذَلُوا وأخرجوا، (مما رزَقْناهم) مما أعطينَاهم لأَنَّ الرزق بمعنى العَطَاء، وقولُه مما رزقنَاهم هل (من) لبيانِ الجِنس أو هي للتبعيض؟ الأولى أن نجعلَها لبيان الجنس لِتشمَلَ ما لو أنفقُوا جميعَ أموالهم على الوجْه الذي يرضَاه الله ورسولُه فإنهم يدخُلون في هذا الوصف، وقولُه: ((سرا وعلانية )) (سِرًّا) مصْدَر نعم، ولكنها في موضِع الحال أي مُسِرِّين ومُعْلِنِين انتبه! مُسِرِّين ومُعْلِنِين، الإسرار أن يُخْفُوا الإنفاق فلا يعلَم به إلا المـُنفِق عليه، والإعلان أن يُظْهِرُوه للناس إما إظْهَارًا كاملًا شاملًا، وإما أن يكون إظهارًا نسبِيًّا يعلم به مَن حولهم، كلُّ ذلك يُمْدَحُون عليه، وسيأتي إن شاء الله في ذكرِ الفوائد أنَّ هذا يكون بحسب الحال، قال: (( زكاةً )) وغيرَها، غير الزكاة كالإنفاق الواجِب على الأقارِب وكصدقات التَطُوُّع فالإنفاق هنا شامِل، قال: (( يرجون تجارة لن تبور )) (يرجُون) يعني يُؤَمِّلُون ويطلُبون منه هذه التجارة، (( تِجَارَةً لن تَبُور )) أي لن تَهْلِك كما قال المؤلف: ما هذه التجارة؟ التجارَة ذكرَها الله عز وجل في قوله: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يغفر لكم ذنوبَكم ))[الصف:11] فهنا عِوض ومُعَوَّض، العِوَض الإيمان بالله والجهاد في سبيلِه، المعوَّض (( يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ))[الصف:12] هذه التجارة لا شكَّ أنَّها أربحُ التجارات وأنها أبقى التِّجَارات، أربحُ التجارات لأنَّ الرِّبْح فيها العَشْر مِائَة ولَّا لا؟ الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعف إلى أضعاف كثيرة، وأبقى كذلك هي أبقى التجارات بلا شكَّ لأنَّها في جنات عدن أي في جنات إقَامة لا ظَعْن فيها والله أعلم