فوائد قول الله تعالى : (( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور )) حفظ
ثم قال الله تعالى: (( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور )) مِن فوائد الآية الكريمة فضيلةُ أهل الجنة في ثنائِهم على ربِّهم في قولِهم: (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن).
ومن فوائدها أيضًا أنَّ حمدَ الله تعالى يكون على إنعامِه وإفضالِه وعلى كمالِ صفاته، فهنا قالوا: (الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور) فحمِدُوا الله على إنعامِه عليهم وعلى كونِه غفورًا شكورًا.
ومن فوائد الآية الكريمة كمالُ الفرح والسرور لأهلِ الجنة لقولِهم: (أذهب عنا الحزن) فإنَّ هذه الصفة السلبية تدُلُّ على كمالِ ضدِّها، فإذا كان الحزَنُ منفِيًّا عنهم كان ذلك دليلًا على كمالِ سرورِهم وأنَّه سرورٌ لا يُشَابُ بحزَنٍ أبدًا، بخلاف سُرُورِ الدنيا فإنَّ سرورَ الدنيا مهما عظُم فإنه مَشُوبٌ بالكدَر: ولهذا يقولُ الشاعر الحكيم:
لا طيبَ للعيش ما دامَت مُنَغَّصَةً لَذَّاتُه بادِّكَارِ الموْتِ والهرَم
نعم، الإنسان مهما كان في الدنيا مِن النعيم فإنَّه إذا تَذَكَّر أنَّ أمامه شيئيْن لابدَّ منهما لا بد مِن أحدِهما قطعًا، فإن طالَت به الحياة فلا بدَّ مِن الأمرين جميعا، وهو الهرم والموت، وحينئذ تَتَنَغَّص عليه حياتُه، ثم هو أيضًا يعرف أنَّه كلّ يوم يمضِي عليه فإنه يُبْعِدُه مِن الدنيا ويُقَرِّبُه مِن الآخرة وهذا تنغيصٌ آخر، ولهذا قال الشاعر:
والمرءُ يفرَحُ بالأيام يقطَعُها وكلُّ يومٍ مضَى يُدْنِي مِنَ الأجَل
نعم، على كلِّ حال في الآخرة نعيمٌ لا كدرَ فيه، لقوله: (أذهبَ عنَّا الحزَن).
ومِن فوائدِها أنَّ نعيمَ الآخرَة يُنْسِي كل ما سبقَه مِن حزن لقولِه: (( أذهبَ عنَّا الحزن )) وذهابُ الحزَن هنا ذهابٌ لما قد وُجِد ولما يُتَوَقَّع وُجودُه، فلا يمكن أن يمسَّه فيها حزن.
ومِن فوائد الآية الكريمة إثباتُ اسمَيْن مِن أسماء الله وهما الغفور والشكور، الغفور في جانِب المعاصي والشكور في جانب الطاعات، أمَّا في المعاصي فإنَّه عز وجل قال في الحديث القدسي: ( يا ابنَ آدم لو بلغَتْ ذنوبُك عنان السماء ثم لقيتَنِي لا تشرِكُ بي شيئا لَغَفَرْتُ لك )، أمَّا في الطاعات فإنَّ الله تعالى يقول: (( مَن جاءَ بالحسنة فله عشرُ أمثالها )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ ما فاعل الحسَنة تُكْتَب لها عشْرُ حسنات إلى سبعمائة ضعْف إلى أضعاف كثيرة )