فوائد قول الله تعالى : (( الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب )) حفظ
ثم قال تعالى: (( الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ))[فاطر:35] فيها فضيلةُ أهلِ الجنة بإضافَتِهم النعِيم إلى المــُنْعِم به، مِن أين؟ (( الذي أحلنا دار المقامة من فضله)) فنسَبُوا الأمرَ إلى الله وإلى فضلِه (الذي أحلَّنا دارَ المقامة من فضله) وهذا غايةُ الثناء والحمد.
ومن فوائدها أنَّ دارَ الجنة دارُ إقامة كلُّ إنسان لا يتمَنَّى أن يزولَ عن مكانه منها حتى مَن كان في الدرجات غير العالية يرَوْن أنَّهم في أكملِ النعيم، لقوله: (دار المقامة) ومنها تأبيدُ الجنة لإطلاقِ قولِه المقامَة ولم تُقَيَّد بزمن.
ومِنها من فوائد الآية أنَّ بِلوغَهم إلى هذه الدار ليس بحولِهم وقوَّتِهم ولكن بفضلِ الله عز وجل لقوله: (من فضله).
ومن فوائدها إثباتُ الأسباب لأنَّ (مِن) هنا سببية أي بفضلِ الله، ففيها ردٌّ على مَن ينكرون الأسباب ويقولون: إنَّ الأسبابَ لا تأثيرَ لها وإنما يحصُلُ الشيء عندها لا بها.
ومِن فوائدها أنَّ الإنسان لا يدخُلُ الجنة بعملِه لقوله: (من فضله).
ولكن قد يُشْكِلُ على هذا قولُه تعالى: (( جزاء بما كنتم تعلمون )) (( ادخُلُوا الجنة بما كنتم تعلمون )) وأشباهِهِما مِن الآيات، وقد جمعَ العلماء بينهما بأنَّ الباء في قولِه: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) الباء للسببية وأنَّ الباء في قولِ الرسول عليه الصلاة والسلام: ( ما يدْخُلُ الجنةَ أحدٌ بعملِه ) للعِوَض يعني أنَّ دخولَ الإنسان ليس بعملِه إذ لو أنَّه أُرِيدتِ المعَاوضَة لَهَلَكَ الإنسان، لو أنَّ الإنسان نُوقِشَ في عملِه بالإضافَة إلى نِعْمَةِ الله عليه لكانَت نعمَةٌ واحدة تُقابِل كلّ العمل، بل لكَان العمل نفسُه نعمَة يحتَاجُ إلى شُكْر، ولَّا لا؟ لأنَّ توفِيق الله عز وجل للعبد