فوائد قول الله تعالى : (( إنه كان حليما غفورا )) حفظ
ومِن فوائدِ الآية الكريمة إثباتُ العِلَّة والسَّبَب في أفعالِ الله عز وجل لقولِه: (( إنه كان حليمًا غفورًا ))، وإثبات العلل في أفعال الله أو في أحكامِه تدُلّ على كمالِه لا على نقصِه خلافًا للناقصين الذين زعموا أنَّ إثبات الحكمة في أفعال الله تعالى وأحكامِه تدلُّ على النقص ولهذا نَفوا الحكمة عن أفعال الله وأحكامِه يقولون: لأنَّ ذلك يقتضِى النقص وأنَّه فعلَ لغرض أو حكَم لِغرض والفاعلُ لغرض ناقِصٌ بدونِه، وعلى هذا فيكون نفي الحكمة عن أفعال الله وأحكامه مِن تنزيهِ الله تعالى عَن النقص، وفي الحقيقة أنَّ أيَّ إنسان يعتقِد أنَّ إثبات الحكمة في أفعال الله وأحكامه نقص فهو الناقِص حتى إنَّ الإنسان بمجرد ما يتَأَمَّل في المسألة يعرِف أنَّ من فعل لغيرِ حكمة فقد أتى سفهًا وإن فعلَ لحكمة فقد أتى رُشْدًا، لأن الرشيد هو الذي يفعل الشيء لِحكمة وحُسْن تصرف، والسفيه بالعكس ولهذا قال الله تعالى: (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا )) وعلى هذا ففي الآية هذه وغيرِها مِن نصوصٍ كثيرة في الكتاب والسنة والعقل الصريح ما يدُلّ على إثباتِ الحكمة لله عز وجل وأنَّ الحكمة مِن أَجَلِّ صفات الله سبحانه وتعالى، وبيانُها في أحكامِ الله وأفعالِه مِن أعظم الأمور وأظهرِها، طيب نقول في الآية إثبات الحكمة لأنَّه عَلَّل إمساكَ السموات والأرض بماذا بكونِ ذلك مقتضى حِلْمِه ومغفرَتِه.
وفي الآية أيضا من الفوائد إثباتُ هذين الاسمين لله وهما (الحليم) و(الغفور) وإثباتُ ما تضمَّنَاه مِن الصفة لأنَّ كل اسم مِن أسماءِ الله فهو متضمِّن لِصفة، ليس في أسماءِ الله اسمٌ جامدٌ أبدًا حتى اسْمُ الجلالة (الله) ليس بجامِد بل هو مُشْتَقّ مِن الألوهية وكذلك بقيَّةُ الأسماء كلُّها ليست جامِدَة بل هي مُشتقةٌ مِن معانٍ تدل عليها، والمعاني التي تدُلّ عليها أسماءُ الله قد تكون متعدِّدَة في اسم واحد كما مرَّ عليها في الدلالة أنها تكون دلالةَ مطابقة ودلالة تضَمُّن ودلالة الْتِزَام طيب