تفسير قول الله تعالى : (( فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا )) حفظ
((جاءَهم نذِير )) هذا مبتدا درس اليوم قال الله تعالى: (( فلما جاءَهم نذيرٌ ما زادَهم إلا نفورًا )) هنا قال الله عز وجل: (فلما جاءهم نذير) ولم يقل فلما جاءهم الرسول ليطابِق ما قالوه حتى يكونَ أبلَغ في إلزامِهم بما قالوا لأنهم قالُوا: (لِئن جاءهم نذير ليكونن) فلما جاءهم نذير على حسَب ما فرَضُوه وما قدَّرُوه جاء الأمر كذلك فلما جاءَهم نذير كما يقولون هُم والمرادُ به محمدٌ صلى الله عليه وسلم بلا شَك لكن كما أشرْت نُكِّرَ ولم يُعَرَّف متابعةً لايش؟ لكلامهم حيث قالوا: جاءنا نذير يعني فلما جاءَهم نذير كما طلبُوا تماما وباللفظ ما زادَهم إلا نفورا (لَمَّا) هنا شرطية وفعل الشرط (جاءهم) وجوابه (ما زادهم إلا نفورا) ولَمَّا تأتي في اللغة العربية على أوجه أحدها كما هنا شرطية، والثاني أن تأتي جازمة كَـ(لم) إلَّا أن بينهما فروقًا ليس هذا موضِع ذكرها لأنَّنا لن نتكلم على النحو كقوله تعالى: (( بل لَمَّا يذوقوا عذاب )) أي لَم يذوقُوا عذابي ولكنهم حَرِيُّون بأن يذُوقوه، والثالث أن تكون بمعنى (إلَّا) كقوله تعالى: (( إن كُلُّ نفس لما عليها حافِظ )) أي إلا عليها حافِظ، والرابع أن تكون بمعنى (حين) مجرَّدَة عن الشرط مثل أن تقول: زرتك لَمَّا طلع الصبح أي حِينَ طلع الصبح، فهذه أربعة معاني لـ(لما) هنا شرطية (فلَمَّا جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا) (ما زادهم) قال المؤلف: مجيئُه " يعني أنَّهم جاءهم نذير كما طلبُوا ولكنهم ما كانوا أهدى مِن إحدى الأمم بل لم يزِدْهم إلا نفورًا عن الحق وبُعْدًا عن اتِّبَاعِه، قال: تباعُدًا عن الهدى " والعياذ بالله وهذا أمرٌ مشاهد فإن قريشًا لما بُعِثَ فيهم النبي صلى الله عليه وسلم نفَرُوا منه وآذَوْه بالقول وبالفعل ووَصَمُوه بكلِّ عيب وكانوا قبل أن يُبعث يجِلُّونَه يحترمونه ويسَمُّونَه الأمين فلَمَّا بعث لم يكن أمينًا وكأنَّه رجلٌ غيرُ الرجل الذي كانوا يعرفونه، كل هذا يُكَذِّبُ قولَهم: (لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم)