تفسير قول الله تعالى : (( فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا )) حفظ
ثم قال تعالى: (( فهل ينظُرُون )) ينتظِرُون " هذا تفسير لـ(ينظرون) بمعنى ينتظِرُون، وهناك ضابط وليس قاعدة أنَّ (ينظُر) إن تعدَّت بـ(إلى) فهي بمعنى النظَر بالعين (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقَت ))، وإن تعدَّت ب(في) فهي بمعنَى النَّظَر الفكري كما في قوله: (( أو لَم ينظُروا في ملكوتِ السماوات والأرض ))، وإن تعدَّت بنفسِها فهي بمعنى الانتِظَار مثل هنا (( فهل ينظُرُون إلا سُنَّتَ الأولين )) معناها: هل ينتظرون من الانتظار وهو الترقُّب، (( فهل ينظرُون )) أي ينتظرُون يعني يَتَرَّقَبُون (( إلا سنةَ الأولين )) (سنة) بمعنى الطريقة والإضافَة هنا إلى (الأولين) مِن باب الاختصاص يعني إلَّا السنة التي جرَت للأولين، وليس المراد السنة التي فعلها الأولون، لأنَّ الأولين مفعولٌ بهم وليسوا فاعلِين، وإنما الفاعل من؟ الله عز وجل، (إلا سنة الأولين) قال المؤلف: " سنةَ الله فيهم مِن تعذيبِهم بتكذيبِهم رسلَهم " يعني ما ينتظر هؤلاء الذين كذَّبوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلَّا سنة الأولين وهي -أي سنة الأولين- التعذيب تعذيبُهم لتكذيبِ الرسل، قال: (( فلن تجدَ لسنةِ الله تبديلًا ولن تجدَ لسنةِ الله تحويلًا )) لن تجدَ لسنة الله تبديلًا برفعِها أو تحويلًا بتغييرِها إلى قومٍ آخرين، يعني أنَّ سنة الله ستقَع في أعيانِ الذين يستحِقُّونها فلن تُبَدَّل فترفَع ولن تُحَوَّلَ إلى قوم آخرين فيسْلَم مِّنها مَن استحقوها بل هي واقعةٌ على من يستحقُّها عينًا، مثالُ ذلك المشركون كذَّبوا الرسول عليه الصلاة والسلام مِن قريش، التحويل معناه أن تُحَوَّل عقوبتهم إلى بني تمِيم مثلا يُمكن هذا أو لا؟ لا يمكن، لأنَّ هذا ظلم أن يُؤاخَذَ قومٌ بجرِيرةِ آخرين هذا معنى قوله: (ولن تجد لسنة الله تحويلا)، طيب كذَّبَتْ قريش الرسول عليه الصلاة والسلام فبدلًا من أن يعاقبَهم الله نعَّمَهم يمكن هذا ولَّا لا؟ هذا معنى قولِه: (فلن تجد لسنة الله تبديلًا) فالعذاب لن يُبَدَّل بنعِيم ولن يُحَوَّل عن مستحِقِّه إلى قومٍ آخرين، وسُنَّةُ الله عز وجل لابُدَّ أن تقَع فيمن يستَحِقُّها بدون تبديلٍ لها بنعمة وبدون تحويلٍ لها إلى غيرِهم لماذا؟ لأنَّ الله عز وجل كامِلُ الحكْمة كامِلُ العدْل: كامِلُ الحكْمَة فلن يبدِّل النقْمَةَ بنعْمة على من استحَقَّها، ثانيًا: كامل العدْل لا يمكِن أن يُحَوِّل الانتقام إلى قومٍ آخَرِين لا يستحقونَه، فهذه الصفة -(لن تجِد لسنة الله تبديلًا) إلى آخره- هي مِن باب الصِّفَات السلبية لكنَّها تتضَمَّن كمالَ عدلِ الله وكمال حكمتِه ويمكن أن نقول: وتمامَ سلطانِه أيضًا بحيث لا يكرهُه أحدٌ على أن يُحَولَ النقمَة إلى آخرين أو أن يُبَدِّلَها بنعمة، طيب قال المؤلف: " أي لا يبدِّلُ بالعذاب غيرَه ولا يُحَوَّلُ -أي العذاب- إلى غيرِ مُسْتَحِقِّه