تفسير قول الله تعالى : (( والقرآن الحكيم )) . حفظ
قال : (( يس * والقرآن الحكيم )) الواو هذه للقسم فلها معنى ولها عمل ، عملها الجر ومعناها التأكيد فالقسم تأكيد الشيء بذكر معظم على صورة مخصوصة هذا القسم ولابد أن يكون المحذوف به معظماً ولو تقديراً في ذهن المقسم كأنه يقول أي المقسم بشيء معظم كأنه يقول : بقدر تأكد تعظيمي لهذا الشيء أؤكد ما حلفت عليه ، بقدر تعظيمي لهذا الشيء وتأكدي منه وإثباتي له أؤكد إيش ؟ المحلوف عليه ولهذا لابد أن يكون المحلوف به معظماً وإلا لكان الحلف لا فائدة منه
(( القرآن الحكيم )) القرآن المراد به هذا الذي نقرؤه كلام الله عز وجل وهو مشتق من قرأ بمعنى تلا لأنه متلو أو من قرا بمعنى جمع لأنه مجموع وجامع فهو مشتق من المعنيين من القراءة بمعنى التلاوة ومن قرا بمعنى جمع ومنه القرية لأنها مجتمع الناس فالقرآن جامع بين المعنيين فهو متلو وجامع ومجموع كلمات مجموع بعضها لبعض ، كلام جامع لكل ما فيه الخير والصلاح ، طيب قوله : (( القرآن الحكيم )) (( الحكيم )) صفة للقرآن وهي بمعنى محكم أو بمعنى محكَم أو بمعنى حاكم كلها تحتمل فالقرآن حاكم لأنه يجب الرجوع إليه
(( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) (( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))[الجاثية:29]إذا قلنا أنه القرآن طيب محكِم لأنه متقن للأشياء (( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ))[الأنعام:115]وكذلك أيضاً محكَم فإن الله تعالى أحكمه وأتقنه فليس فيه تناقض ولا تعارض (( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ))[النساء:82]إذاً هو مشتمل على الحكمة أيضاً وإلا لا ؟ نعم هو مشتمل على الحكمة ففيه معنى الحكمة والحكم طيب ، إذا كان حكيماً فإننا نعلم أنه حكيم في ترتيبه كل آية إلى جنب الأخرى حتى وإن ظننا أنه لا ارتباط بينهما فإنما ذلك إما لقصورنا أو تقصيرنا فمثلاً لو قال قائل : (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ))[البقرة:238]جاءت في سياق آيات عدد فما هو الارتباط ؟ نقول لابد أن هناك حكمة لكن قصرت استفهامنا عنها أو قصرنا في التدبر لطلبها والمراجعة لكتب أهل العلم .
طيب إذاً هو حكيم في ترتيبه حكيم في أحكامه ، فأحكامه كلها عدل موافقة للفطرة وللعقل الصريح ولهذا لا تجد شيئاً من أحكام القرآن مناقضاً للفطرة أبداً بل هو موافق للفطرة ولا تجد شيئاً في القرآن يكذبه العقل أو يحيله أبداً بل إن العقل يقرر في الجملة ما جاء به القرآن.
كذلك حكيم في أسلوبه يشتد في موضع الشدة ويلين في موضع اللين ويأتي بأساليب غريبة ما كانت معروفة في أساليب العرب فبينما الآية سياقها خبري إذا بها تنتقل إلى سياق إنشائي من استفهام أو أمر أو ما أشبه ذلك فكل هذا من الحكمة بينما القرآن يتحدث بصيغة الغائب إذا به ينتقل إلى صيغة الحاضر فينتقل من أسلوب إلى آخر وهو ما يسمى بالالتفات وأنواع هذا كثيرة في القرآن ، فالقرآن إذاً حكيم بك معنى الحكمة وبكل معنى الإحكام وبكل معنى الحكم