التعليق على تفسير الجلالين : (( على )) متعلق بما قبله (( صراط مستقيم )) أي طريق الأنبياء قبلك التوحيد والهدى ، والتأكيد بالقسم وغيره رد لقول الكفار له (( لست مرسلا )) . حفظ
قال : (( على صراط مستقيم )) متعلق بما قبله الذي قبله (( المرسلين )) والمرسل اسم مفعول صالح للعمل لأن تعلق به المعمول ، فالمعنى إنك لمن الذين أرسلوا على صراط مستقيم ، لأن جميع الرسل على صراط مستقيم بلا شك ولكن يحتمل وجه آخر أحسن مما قال المؤلف وهو أن تكون (( على صراط مستقيم )) خبرا ثانيا لـ(( إن )) (( إنك لمن المرسلين )) إنك (( على صراط مستقيم )) وهذا أنسب ويشهد له قوله تعالى : (( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ))[الشورى52:53]إذاً فنقول الوجه الثاني لإعراب (( على صراط مستقيم )) أنها خبر ثانٍ لـ(( إن )) وقوله : (( على صراط المستقيم )) قال : " أي طريق الأنبياء قبلك التوحيد والهدى " طيب (( صراط مستقيم )) (( صراط )) فعال بمعنى مفعول ، لأن فعالاً تأتي بمعنى مفعول كثيراً كقولهم : بناء وغراس وفراش بمعنى مبني مغروس مفروش ، (( صراط )) بمعنى مفعول أي مصروط والصرط المرور بسرعة هذا الصرط ومنه قولهم صرط اللقمة أي ابتلعها بسرعة وفي اللغة العامية عندنا نقول : ذرد وهي لغة عربية في (( صراط )) فيها سراط بالسين وذراط بالذال كلها لغة عربية ، الصراط لا يكون صراطاً إلا إذا كان طريقاً واسعاً يتحمل طوائف يعبرون عليه قالوا وأيضاً من صفاته : أن يكون مستوياً ليس فيه طلوع ولا نزول و(( مستقيم )) صفة له مؤكدة يعني أنه لا اعوجاج فيه ولاشك أنما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام صراط مستقيم لأنه طريق واسع يسع كل الأمة منذ بعث إلى أن تقوم الساعة لا يمكن أن يضيق صراط واسع أيضاً لا يمكن أبداً أن يضيق عن الأحكام الشرعية كل حادثة تنزل منذ بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة لابد أن يوجد فيها حل لمشكلتها إن كانت مشكلة فيما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ولذلك نقول إن هذا الصرط بالقرآن والسنة كامل لا يحتاج إلى تكميل وأيضاً واسع لا يمكن أن يضيق بأي جزء أو بأي جزئية تقع إلى يوم القيامة ، إذاً ما في شيء مشكل في الشريعة وإلا لا ؟ لكن الإشكال إنما يأتي من قبل الناس إما لقصورهم في الفهم أو لتقصير في طلب العلم والهدى أو لأشياء رانت على قلوبهم وأظلمتها حتى لا تبصر الحق يعني قد يكون الإنسان غير مقصر ولا قاصر عنده فهم قوي وعنده آله قوية وعلم لكن يكون على قلبه ذنوب تحول بينه وبين رؤية الصواب ولهذا ينبغي للإنسان إذا أشكل عليه مسألة من المسائل بعد المراجعة والتتبع لكلام أهل العلم يكثر من الاستغفار لأن الاستغفار يمحو الله به الخطايا فيكون القلب مستنيراً وربما يستنبط هذا من قوله تعالى : (( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ))[النساء105:106]ويستدل له بقوله تعالى أيضاً :
(( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[المطففين13:14]فالذنوب منعت القلوب أن ترى أحقية هذا الكتاب حتى قال القائل إنها إيش : (( أساطير الأولين )) فالمهم أن نقول إن هذا الدين صراط مستقيم واسع يسع جميع الناس إذا دخلوه واسع يشمل جميع أحكام الحوادث والنوازل منذ بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة ولكن الإشكال الذي يكون إما من قصورنا أو تقصيرنا أو من أمور رانت على القلوب فلا ترى الحق.