التعليق على تفسير الجلالين : (( لتنذر )) به (( قوما )) متعلق بتنزيل (( مآ أنذر ءابآؤهم )) أي لم ينذروا في زمن الفترة (( فهم )) أي القوم (( غافلون )) عن الإيمان والرشد . حفظ
قال : (( لتنذر به قوماً )) متعلق بتنزيل ، (( لتنذر )) اللام هذه تسمى لام التعليل والفعل بعدها منصوب بها على مذهب غانم تنصب باللام ولا بأن ؟ باللام وعلى مذهب البصريين منصوب بأن مضمرة بعد اللام نعم وعلى كل حال فهي تحتاج إلى متعلق اللام (( لتنذر )) فأين متعلقها قوله : (( تنزيل )) طيب يعني (( تنزيل الرحمن الرحيم لتنذر )) يعني إنما نزل (( لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون )) (( تنذر )) قال العلماء : إن الإنذار هو الإخطار المقرون بالتخويف أو المتضمن للتخويف فالإنسان مثلاً يأتي إلى قومه يصيح بهم العدو ، العدو يقال هذا منذر ونذير فالنذير عن شيء يخوف فهو إعلام متضمن لإيش ؟ للتخويف هذا القرآن أنزله الله عز وجل لينذر النبي صلى الله عليه وسلم به قوماً (( ما أنذر آباؤهم )) أي لم ينذروا في زمن الفترة وعلى هذا فـ(( ما )) نافية يعني (( لتنذر قوماً ما أنذر أباؤهم )) أي لم ينذر لم يخوفوا لكن في زمن الفترة ، وأما قبل فقد أنذروا بواسطة إسماعيل بن إبراهيم فإنه مرسل إلى العرب إلى قومه وبعد ذلك لم ينذر هؤلاء قال بعض المعربين الذين يجمعون الأقوال صحت أو ما صحت أي أنهم يقولون أي احتمال قالوا : ويجوز أن تكون ما موصوله ، أي لتنذر قوماً الذي أنذره آباؤهم فيجعلون ما موصولة ويجعلون العائد محذوفاً تقديره الذي أنذره آباؤهم ، أي تنذرهم الذي أنذرهم آباؤهم ولكن هذا وإن كان محتملاً من قبل اللفظ لكنه بعيد من جهة المعنى لأن الآيات الكثيرة المتعددة تدل على أن قريشاً الذين بعث الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينذر آباؤهم ومنه قوله تعالى في سورة : (( الم تنزيل )) السجدة (( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ))[السجدة:3]وهذا صريح لأن ما هنا للنفي لا غير (( ما أنذر آباؤهم )) في زمن الفترة (( فهم )) أي القوم (( غافلون )) عن الإيمان والرسل (( غافلون )) لأنهم ما أجابوا النبي ومعلوم أن النذر توجب حياة القلوب والانتباه ولهذا تجد الإنسان نفسه إذا لم يأته واعظ يغفل وتكثر فيه الغفلة فإذا أتاه واعظ فكأنه أيقظه من نوم هؤلاء لما تطاول عليهم الأمد ولم يأتهم نذير غفلوا وكأنهم ما خلقوا لعبادة الله وجعلوا لهم أصناماً يعبدونها من دون الله ويركعون لها ويسجدون وينذرون ويوفون فهم غافلون لعدم من ينقذهم ولكن من هؤلاء من عنده علم من الرسالة ، من هؤلاء الذين في زمن الفترة من عنده علم من الرسالة لكنه عاند وبقي على ما كان عليه آباؤهم كالذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالنار ، فإن الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار نعلم علم اليقين أن هؤلاء قد قامت عليهم الحجة ولولا ذلك ما كانوا من أهل النار ، فأهل الفترة نوعان : نوع علمنا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغتهم الرسالة لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم بأنهم من أهل النار ، وآخرون لا ندري عنهم شيئاً فالواجب علينا أن نتوقف في أمرهم وأن نقول : الله أعلم بما كانوا عاملين وأصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة بتكاليف الله أعلم له فمن أطاع منهم دخل الجنة ومن عصا دخل النار .