التعليق على تفسير الجلالين : (( إنما تنذر )) ينفع إنذارك (( من اتبع الذكر )) القرآن (( وخشى الرحمن بالغيب )) خافه ولم يره (( فبشره بمغفرة وأجر كريم )) هو الجنة . حفظ
أما قول المؤلف : " ولم يره " واعتبر أن الغيب هنا حال من المغشي فهذا فيه نظر لأن الله عز وجل صحيح لا يرى ولكن آياته البينة الظاهرة كأن الإنسان يرى ربه ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) فآيات الله كلما تأمل الإنسان فيها سواء الآيات الكونية أو الآيات الشرعية كلما تأمل فيها ظهر له وجود الخالق وظهر له كلما تضمنه هذه الآيات من صفاته ظهوراًَ بيناً كأنما يشاهد الله عز وجل فالصواب إذاً المعنى الأول لأننا نقول : وإن لم نر الله لكن نرى من آياته ما يدلنا دلالة قطعية يقينية إيش على إيه ؟ على وجوده وعظمته يقول : (( وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ )) شوف قال : (( تنذر )) ثم قال : (( فبشر )) متقابلان تنذره فينتفع بالإنذار ، إذا انتفع بالإنذار حصل له الثواب فاستحق البشارة ولهذا قال : (( فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ )) هو الجنة (( بمغفرة )) للذنوب (( وأجر كريم )) على فعل الحسنات والكريم يتضمن كرم الذات العينة وكرم الصفات كقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إياك وكرائم أموالهم ) يعني الكريمة بذاتها وبصفاتها ، الأجر الكريم بذاته إذا نظرنا إلى نعيم الجنة بذاته وجدنا أنه كريم أكرم وأجمل وأحسن وأنفع من نعيم الجنة ففي الجنة فاكهة ونخل ورمان وعسل وخمر إذا نسبت هذا إلى نعيم الدنيا وجدت أنه أكرم من نعيم الدنيا في ذاته ، في صفاته أيضاً طعمه ورائحته وغير ذلك هو أيضاً أكرم واضح .
كريم أيضاً من حيث المقابلة فالحسنة بكم ؟ بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، الأجر في الدنيا يكون بقدر العوض ، تبيع على سيارة بعشرة آلاف قيمتها كم عشرة آلاف ما أعطيك إلا عشرة ما أزيد لكن في الآخرة آجر الآخرة أكرم وأعظم لأنك تبذل واحداً وتعطى كم ؟ عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة فصار كرم الأجر ، أجر الآخرة من عدة وجوه في عينه وصفته وإيش ؟ ومقابلته أو ومعاوضته فإنه أعظم بكثير من عوض الدنيا وأجر الدنيا ، قال المؤلف : " هو الجنة " هذا تفسير المراد لا للمعنى ولا شك أن الجنة تشتمل على ما ذكرنا .