التعليق على تفسير الجلالين : (( إنا نحن نحي الموتى )) للبعث (( ونكتب )) في اللوح المحفوظ (( ما قدموا )) في حياتهم من خير وشر ليجازوا عليه (( وءاثارهم )) ما استن به بعدهم (( وكل شيء )) نصبه بفعل يفسره (( أحصيناه )) ضبطناه (( في إمام مبين )) كتاب بين ، هو اللوح المحفوظ . حفظ
ثم قال تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى )) للبعث (( وَنَكْتُبُ )) في اللوح المحفوظ (( مَا قَدَّمُوا )) في حياتهم من خير وشر ليجازوا عليه (( وَآثَارَهُمْ )) ما استن به بعدهم (( وَكُلَّ شَيْءٍ )) نفرغ من فعله (( أحْصَيْنَاهُ )) ضبطناه (( فِي إِمَامٍ )) في كتاب بين (( مُبِينٍ )) هو اللوح المحفوظ قال الله تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ )) أولاً : مناسبة هذه الآية بما قبلها لها مناسبتان :
المناسبة الأولى أنه لما ذكر حال من ينتفع بذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام ومن لا ينتفع بين أن كلاً منهم سوف يحيى بعد موته وسوف يجازى على عمله فالمناسبة ظاهرة ففيها بشارة للمؤمن المنتذر وفيها إنذار وتخويف لمن خالف
ثانياً : أن الله تعالى لما ذكر حال هؤلاء المكذبين فإن تكذيبهم بمنزلة الموت وإذا كان الله قادراً على إحياء الموتى إحياءً حسياً فهو قادر على إحياء هؤلاء الموتى بالكفر إحياء معنوياً فتكون المناسبة من وجهين قال :
(( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى )) (( إنا )) هذه ضمير جمع والله عز وجل واحد فتحمل هذه على أي شيء ؟ على التعظيم قطعاً (( نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى )) (( نحن )) هذه ضمير فصل لأنها لو سقطت وقيل : إنا نحي الموتى استقام الكلام فهي ضمير فصل للتخصيص يعني نحن لا غيرنا (( نحي الموتى )) جمع ميت ويشمل الموت من بني آدم وغيرهم لكن قوله : (( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ )) يدل على إيش ؟ على التخصيص وهذا له نظائر في القرآن والسنة إذا جاء لفظ عام ثم ذكر بعده حكم يختص ببعض أفراده فهل هذا يخصص العموم أو لا يخصصه ؟ إذا نظرنا إلى تصرف العلماء رحمهم وجدنا أنهم أحياناً يجعلونه مخصصاً للعموم وأحيانًا لا يجعلونه مخصصاً للعموم فمثلاً (( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ))[البقرة:228]هذه الآية فيها عموم وفيها حكم يختص ببعض أفراد هذا العموم ، أين العموم يا غانم ؟
(( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )) فإن هذا يشمل من لها رجعة ومن ليس لها رجعة هذا العموم ثم قال بعد ذلك (( بعولتهن )) أي بعولة المطلقات (( أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا )) هذا الحكم يختص بمن ؟ بالرجعيات فهل نقول إن المراد بالمطلقات في قوله : (( المطلقات يتربصن )) المراد بها الرجعيات أو هو عام ؟ نعم أكثر العلماء على أنه عام
نأتي إلى السنة قال جابر : " قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " في هذا عموم وفي هذا حكم تعقبه يختص ببعض أفراد هذا العموم ، فهل نأخذ بالعموم أو نأخذ بما يقتضيه هذا الحكم المعقب ؟ أو المعقب ، المعقَّب أصح ، طيب قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم وإيش يشمل ؟ كل ما لا يقسم حتى لو كان بيني وبينك سيارة وقلت نصيبك منها فلي الشفعة ولا لا ؟ إننا نأخذ بالعموم في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة هذا يختص بإيش ؟ بالأراضي فهل نقول إن قوله : " في كل ما لم يقسم " يختص بالأراضي مثل الحكم المفرع ؟ ونقول إذا كان شريكان في سيارة وباع أحدهما نصيبه فلا شفعة للثاني أو نقول نأخذ بالعموم ونجعل هذا الحكم الخاص لبعض أفراده يختص به ؟ فيه أيضاً خلاف هذه المسألة التي نحن فيها الآن (( إنا نحن نحي الموتى )) إيش تشمل ؟ كل ميت حتى البهائم (( ونكتب ما قدموا وآثارهم )) هذا خاص بالمكلفين فهل نقول : (( إنا نحن نحي الموتى )) من المكلفين بدليل قوله : (( ونكتب ما قدموا )) أو نقول هو عام وتعقيبه بحكم يختص ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص ؟ طيب عام ينبني على الخلاف يا إخواني ، العلماء كما تشاهدون يختلفون في مثل هذا فنحن نقول : ممكن أن نقول الموتى الذين تكتب لهم ما قدموا وآثارهم بدليل قوله : (( ونكتب ما قدموا وآثارهم )) وقد يقول القائل : أنا ....العموم (( إنا نحن نحي الموتى )) كل ميت (( ونكتب ما قدموا )) بعضهم وهم المكلفون ، طيب المهم انتهى الوقت .