تتمة تفسير قول الله تعالى : (( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون )) . حفظ
(( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )) يعني نسلم إننا بشر مثلكم (( وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ))[إبراهيم:11]هذا جواب بالنفي يعني أنتم بشر لستم ملائكة حتى نقبل ، أحياناً بالإثبات
(( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ))[الذاريات:52]فصاروا أحياناً يتهمون الرسل بالسحر والجنون وأحياناً بالنفي يقولون ما أنتم ملائكة حتى تكونوا رسلاً إلينا ، ما أنتم إلا بشر مثلنا ، إذاً ليس ببدع أن يقول أصحاب هذه القرية لهؤلاء الرسل (( ما أنتم إلا بشر مثلنا )) ثم قالوا : (( وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) فأنكروا الرسالة من حيث جنس الرسول وأنه بشر وأنكروا الرسالة إنكار جحود بلا مبرر (( مَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ )) ما الذي يمنع ما ذكروا حجة (( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) قوله : (( مَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ )) هذه الجملة كما نشاهد نفي و (( من شيء )) نكرة في سياق النفي فتعم ثم إن هذه النكرة مؤكدة بماذا ؟ بمن الزائدة لأن قوله : (( من شيء )) بمعنى شيئاً وقوله : (( إن أنتم )) (( إن )) هنا بمعنى ما ففي الجملة حصر طريقه النفي والإثبات (( إن أنتم )) يعني ما أنتم (( إلا تكذبون )) وهذا الحصر والعياذ بالله حصر هم يرونه حقيقة ....أو إضافي السؤال الآن هل هو حقيقي أو إضافي ؟ ما أنتم إلا تكذبون .
الطالب : ...
الشيخ : كيف ؟
الطالب : .....
الشيخ : يعني ما أنتم إلا تكذبون فيما تدعون من الرسالة ولا يلزم أن يدعوا أنهم كاذبون في كل شيء لكن فيما ذكروا من الرسالة فصار إنكارهم مبني على أمرين :
الأول : أنهم بشر يعني كأنهم يقولون لو كنتم رسلاً لكنتم ملائكة .
ثانياً : النفي الذي لم يبن على شيء مجرد إنكار ومكابرة (( مَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) وهذا بلا شك من سفههم لأن إنزال الوحي على الرسل لهداية الخلق أمر يوجبه العقل فضلاً عن الشرع لأن العباد لا يمكن أن يتعبدوا لله سبحانه وتعالى إلا بشيء شرعه ونصبه لهم دليلاً عليه وإلا فكيف يتعبدون فإنزال الله تعالى الوحي للبشر أمر يقتضي العقل وجوبه مع أن الله قد أوجبه على نفسه كما قال تعالى : (( وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[يس:17]الله أوجب على نفسه أن يبلغوا عباده سبحانه وتعالى ما يوصلهم إليه وإلا لضلوا طيب إذاً هذه المكابرة (( مَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ )) هذه المكابرة يكذبها إيش ؟ العقل والشرع لأن العقل يوجب أن ينزل الله على العباد شريعة يتعبدون بها له لتوصلهم إليه إذ أن العقل لا يهتدي كيف يعبد الله ؟ الشرع أوجب الله على نفسه أن يبلغ عباده شريعته قال الله تعالى : (( وَمَا عَلَيْنَا )) استغفر الله العظيم
(( وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) هذا كلام الرسل لكن قال الله عز وجل : (( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى ))[الليل121:13]وقال تعالى في القرآن الكريم : (( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ))[القيامة:19]إذاً استدلالنا في الآية الأولى يعتبر خطأً ، الاستدلال في قوله : (( إن علينا للهدى )) حيث أوجب الله على نفسه أن يهدي عباده ، وهذه هداية البلاغ ولا هداية التوفيق ؟ البلاغ ولو كانت هداية التوفيق لاهتدى كل أحد ، طيب قال : (( وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) ما هو الكذب ؟ هو الإخبار بخلاف الواقع إذاً أنتم أخبرتمونا أنكم رسل والواقع أنكم لستم برسل ، ماذا قالوا لهم ؟