التعليق على تفسير الجلالين : (( قالوا إنا تطيرنا )) تشاءمنا (( بكم )) لانقطاع المطر عنا بسببكم (( لئن )) لام قسم (( لم تنتهوا لنرجمنكم )) بالحجارة (( وليمسنكم منا عذاب أليم )) مؤلم . حفظ
أي تشاءموا قال : " بكم لانقطاع المطر عنا بسببكم " وهذا أحد الوجوه الثلاثة التي أشرنا إليها آنفاً بأنهم يتطيرون بهم بسبب العقوبة التي تحل بهم لمخالفتهم .
وجه آخر : يتطيرون بهم بسبب الحد من بلوغ مآربهم في شهواتهم في عباداتهم ومعاملاتهم ومأكولهم ومشروبهم فيقولوا أنت ضيقت علينا مثلاً حرمت علينا الخمر حرمت علينا الميتة ضيقت علينا في العبادة خصصتها بواحد وما أشبه ذلك هذا في زعمهم تطير .
الوجه الثالث : تطير مدعى الذي ليس له أصل يقولون ذلك تنفيراً للناس عن متابعتهم ، وقوله : " بسبب انقطاع المطر عنا بسببكم " يحتمل أن هذا هو السبب يحتمل أنه ما أحل بهم من العقوبات الأخرى التي من جملتها ما عاقب الله به آل فرعون (( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ))[الأعراف:133]والسنين ونقص من الأموال والأنفس والثمرات كم ؟ تسع عقوبات طيب ممكن عقوبات أخرى غير هذه
قال : (( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) مؤلم (( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا )) عن أي شيء ؟ عن دعوتنا إلى اتباعكم وترك ما كنا عليه وقوله : (( لنرجمنكم )) الجملة هذه جواب القسم وليست جواب الشرط لأنها قرنت باللام وأكدت بـنون التوكيد وهذا يدل على أنها جواب القسم لا جواب الشرط وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه الله في الألفية حيث قال :
" واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخرت فهو ملتزم "
قال : (( لنرجمنكم )) الرجم هو الرمي بالحجارة هذا الرجم ومنه رجم الزاني المحصن أي رميه بالحجارة حتى يموت ، (( وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) (( ليمسنكم )) ليصيبنكم ومس كل شيء بحسبه فمس الإنسان للإنسان له معنى ومس العقوبات والمصائب له معنى فالمراد بالمس هنا الإصابة وقوله : (( عذاب أليم )) العذاب هو ما يحصل لهؤلاء الرسل من هؤلاء المكذبين المعتدين من الضرب وشبهه ومنه الحبس أيضاً فإنه عذاب وأليم بمعنى مؤلم فهو فعيل بمعنى مفعل ومنه قول الشاعر :
" ... الريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع "
، ... الريحانة الداعي السميع" بمعنى المسمع لا بمعنى السامع "يؤرقني وأصحاب هجوع" ، فأليم بمعنى مؤلم لا بمعنى آلم طيب قوله : (( وليمسنكم )) هل هذا على سبيل التنويع أو على سبيل الجمع يعني أنهم يرجمونهم ويعذبونهم قبل الرجم أو أنه على سبيل التنويع وأن الواو بمعنى أو ، أي لنرجمنكم حتى تموتوا أو ليمسنكم منا عذاب أليم دون الرجم ، الآية تحتمل معنيين فإن جعلناها للجمع فإنها ليست على سبيل الترتيب لأن الرجم سابق في الذكر لاحق في الواقع لأن العذاب الأليم قبل الرجم إذ أن الرجم لا عذاب بعده فيكون فيها تقديم وتأخير وأما إذا جعلنا الواو بمعنى أو في التقسيم فيكون المعنى أنهم توعدوهم بأحد أمرين إما الرجم وإما العذاب المؤلم الشديد وقولهم :