تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( أئن ذكرتم )) وعظتم وخوفتم ؟ وجواب الشرط محذوف ، أي تطيرتم وكفرتم وهو محل الاستفهام ، والمراد به التوبيخ (( بل أنتم قوم مسرفون )) متجاوزون الحد بشرككم . حفظ
ماذا حصل من التذكير لنعرف جواب الشرط ؟ (( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ )) فالذي حصل منهم أنهم تطيروا وأنهم توعدوا بماذا ؟ بالرجم والعذاب الأليم فيكون الجواب مطابقاً للمذكور أي أئن ذكرتم تطيرتم توعدتم بالرجم والعذاب الأليم ، أما الكفر فقد سبق قال : وهو محل الاستفهام والمراد به التوبيخ وهو أي جواب الشرط المحذوف محل الاستفهام يعني هو الذي ينصب عليه الاستفهام لا التذكير لأن التذكير ثابت وليس فيه إنكار إنما الإنكار والتوبيخ بماذا ؟ بالتطير بهم واعتدائهم على الرسل فهو محل الاستفهام الذي يراد به إيش ؟ التوبيخ يعني أن الرسل عليه الصلاة والسلام وبخوهم وقالوا : أتتشاءمون وتتوعدون لأننا ذكرناكم فهذا هو محل الاستفهام وإنما نص المؤلف على ذلك لأنه قد يظن الظان أن محل الاستفهام هي الجملة الموالية لأداة الاستفهام وهي قوله : (( أئن ذكرتم )) نعم إن ذكرتم والواقع أن محل الاستفهام هو جواب الشرط لا الشرط المذكور وهو أي الاستفهام التوبيخ
(( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ )) هذا إضراب انتقال وإلا إبطال ؟ هذا إضراب انتقال يعني انتقلوا من الإنكار عليهم بكونهم يكذبون الرسل ويتوعدونهم ويتطيرون بهم إلى وصفهم الحقيقي وهو أنهم قوم مسرفون والإضراب يكون للإبطال ويكون للانتقال فإذا قلت : جاء زيد بل عمرو فهذا إضراب إبطال وإذ قلت : زيد في شك بل هو منكر فهذا إبطال انتقال ومنه قوله تعالى : (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66]ومنه هذه الآية الكريمة (( أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون )) وقوله : (( مسرفون )) أي متجاوزون للحد ووجه التجاوز :
أولاً : أنهم كذبوا الرسل بلا بينة وبلا دليل لأنهم اعتمدوا على أي شيء ؟ على أمر ليس حجة لهم (( قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا )) وقالوا : (( وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ )) وقالوا : (( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) هذا إسراف مجاوز للحد .
ثانياً : أنهم تطيروا بالرسل وحقيقة الأمر أن الرسل عليهم الصلاة والسلام محل تفاؤل لأن في اتباعهم الخير
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[الأعراف:96]وهؤلاء تطيروا بالرسل وليسوا محلاً للتطير بهم .
ثالثاً : أنهم توعدوا الرسل بالعدوان عليهم إذا لم ينتهوا عن دعوتهم إلى الله تعالى وإبلاغهم رسالته لقوله :
(( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) إذاً وجه الإسراف من كم من وجه ؟
الطالب : ....
الشيخ : نعم نعم كل هذا من الإسراف ومن العدوان ، وجه ذلك أنه لا يجوز للإنسان عقلاً أن يرد شيئاً بلا بينة مع أن هؤلاء الرسل لا شك أنهم أتوا بآية تدل على صدقهم ، ( ما بعث الله رسولاً إلا أعطاه مع ما مثله يؤمن البشر هذا عدوان ) ، العدوان الثاني تطيرهم بالرسل والحقيقة أن التطير من أعمالهم هم لأن الرسل قالوا وصدقوا فيما قالوا : (( قالوا طائركم معكم )) فتطيرهم بالرسل قلب للحقيقة لأن حقيقة الأمر أن التطير من هؤلاء .
الوجه الثالث للإسراف ومجاوزة الحد : أنهم إيش ؟ توعدوا الرسل (( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ))