التعليق على تفسير الجلالين : (( ءأتخذ )) في الهمزتين منه ما تقدم في (( أأنذرتهم )) وهو استفهام بمعنى النفي (( من دونه )) أي غيره (( ءالهة )) أصناما ؟ (( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عنى شفاعتهم )) التي زعمتموها (( شيئا ولا ينقذون )) صفة آلهة . حفظ
ثم قال : (( أَأَتَّخِذُ )) بالهمزتين منه ما تقدم ، ما الذي تقدم التحقيق والتسهيل وإدخال ألف بينهما وترك ذلك قال : "ما تقدم في أأنذرتهم " وهو استفهام بمعنى النفي فيكون معنى (( أأتخذ )) أي لا أتخذ وقد سبق لنا أن الاستفهام إذا أتى بمعنى النفي فإنه يفيد معنى التحدي ولكن هن يفيد معنى الامتناع غاية الامتناع يعني أنني لا يمكن أن أتخذ (( مِنْ دُونِهِ )) أي غيره (( آلِهَةً )) أصناماً طيب يقول : (( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً )) معروف أن (( اتخذ )) تنصب مفعولين ، (( من دونه )) المفعول الثاني و (( آلهة )) المفعول الأول ويجوز أن نجعل (( من دونه )) في موضع نصب على الحال من آلهة ويكون الأول محذوفاً أي أأتخذ أصناماً آلهة وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف لقوله : " أصناماً " قال : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ )) التي زعمتموها (( شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ )) صفة آلهة يريد المؤلف في الإعراب أي أن قوله : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا )) هذه الجملة الشرطية صفة لآلهة يعني لا أتخذ آلهة هذا شأنها ما هو ؟ أن الله لو أرادني بضر لم تنفع شفاعتهم (( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا )) هذا معنى كلام المؤلف وقيل : إن الجملة استئنافية لبيان حال هذه الآلهة أي أأتخذ من دونه آلهة ثم قال : هذه الآلهة استئناف لا تغني شفاعتها شيئاً من دون الله ولا تنقذ ولكن ما ذهب إليه المؤلف أظهر فتكون الجملة الشرطية في موضع نصب صفة إيش ؟ لآلهة ، قال : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ )) يعني إن يردن الله عز وجل وذكر الرحمن لأن الرحمن اسم يدل على الرحمة ولما كان الضر قد يفهم منه من يفهم من الناس انتفاء الرحمة عن المريد ذكر ذلك باسم الرحمن لئلا يظن الظان أو يتوهم الواهم هذا الوهم أن إرادة الله الضر للإنسان تنافي الرحمة لأن إرادة الضر للإنسان قد يكون من رحمة الإنسان ، قال الله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))[الروم:41]فما يصيب الإنسان من الضر له نتائج حميدة وهي الرجوع إلى الله عز وجل والاعتبار بما جرى ولهذا قال : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ )) أي لا تنفعني بشيء والشفاعة في الأصل هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة ، هذه الأصنام التي تعبد من دون الله يدعي عابدوها أنهم إنما عبدوها لتقربهم إلى الله كما قال الله تعالى : (( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ )) يعني يقولون : ما نعبدهم (( إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ))[الزمر:3]إذا فهم يدعون أنهم يعبدونها لتشفع لهم وهل هذا الوهم أو هذا الظن صحيح ؟ الجواب لا لأنهم عبدوها لم يتخذوها وسيلة بل جعلوها غاية ولهذا لا يخطر في قلوبهم عند التعبد لها إلا تعظيم هذه الأصنام وينسون الخالق عز وجل لكن يقول : الذي زعمتموها يعني بناء ً على دعواهم أنهم يعبدون هذه الأصنام من أجل أن تشفع لهم ، قال : (( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ )) ولا ينقذون من أي شيء ؟ من الهلكة أو من الضر الذي أراده الله به ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا .