فوائد قول الله تعالى : (( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون )) . حفظ
ثم قال عز وجل : (( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً )) إلى آخره فيه بيان الإنكار والتسفيه للذين يتخذون مع الله آلهة لأن المراد بالاستفهام هنا الإنكار والتسفيه والتوبيخ لهؤلاء .
ومن فوائدها : أنه ينبغي أيضاً قرن الحكم بالتعليل لأنه قال : (( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ )) إلى آخره فهذه الآلهة لا تنفع ولا تضر ولا تدفع فهي لا تنفع من عبدها ولا تضر من عدل عنها ولا تدفع عن عابديها ضرر الغير واضح ، يقول الله عز وجل : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا )) فهم الآن لا يستطيعون دفع ضرر الغير وهم أي الآلهة لا ينفعون عابديهم ولا يضرون من عدل عن عبادتهم فهي قاصرة بنفسها لا تجلب نفعاً ولا ضراً ولا تدفع الضرر عن عابديها فتكون عبادتها خسراناً .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن كل معبود فهو إله لقوله : (( أأتخذ من دونه آلهة )) لكن إن كان يستحق العبادة فعبادته حق وهذا لا يكون إلا لمن لله عز وجل وإن كان لا يستحق العبادة وهو من سوى الله فعبادته باطلة وألوهيته باطلة ، (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ))[الحج:62].
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات الإرادة لله لقوله : (( إن يردن الرحمن بضر )) وإرادة الله عز وجل غير خافية عليكم أنها تنقسم إلى قسمين : إرادة كونية وإرادة شرعية ، فالإرادة الكونية : هي التي بمعنى المشيئة ويتعين فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوباً لله .
والإرادة الشرعية : هي التي بمعنى المحبة ولا يتعين فيها وقوع المراد ويتعين أن يكون محبوباً لله عز وجل ، إذا قال قائل : (( إن يردن الرحمن بضر )) الضر شر أو خير ؟ شر لاشك أن الضرر شر على الإنسان فكيف نجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك ) ؟ الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل الشر ليس منك بل قال : ( الشر ليس إليك ) والله عز وجل قد يريد الشر لكن إرادته للشر خير فالشر في مفعوله لا في فعله أنتم فاهمين الفرق ، الشر في المفعول لا في الفعل فقد يريد الله الشر أو وقوع الشر لكن لمصلحة عظيمة هذه المصلحة نفت نسبة الشر إلى الله ، ولهذا يفرق بين الشر منك والشر إليك فالله عز وجل يقع منه الشر بمعنى أن الشر يكون في مفعولاته أما أن ينسب إليه ويقال : إن الله شرير حاش وكلا فهذا مستحيل لأن فعله كله لحكمة وغاية محمودة ، وانظر مثلاًَ إلى المرض إذا أصاب الإنسان مرض فلاشك أنه شر بالنسبة للصحة .