تتمة فوائد قول الله تعالى : (( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون )) . حفظ
ما تشعر بهذه النعمة نعمة الصحة لكن إذا مرضت شعرت بقدر النعمة وبضدها تتبين الأشياء أنت الآن تنفس النفس تنفس وأنت تأكل تنفس وأنت تتكلم تنفس وأنت قائم وأنت قاعد وأنت مضجع لا تحس بأي شيء لكن لو قدر الله تعالى أن يحبس نفسك ويكون عندك ضيق تنفس عرفت قدر النفس وإلا لا ؟ عرفت قدر النفس فالحاصل أن هذا الشر شر نسبي في الواقع حتى بالنسبة لمن وقع عليه ، طيب الفيضانات والزلازل والجدب شر وإلا خير ؟ شر لكن بالنسبة إلى تقدير الله لها خير هي شر بالنسبة لمن أصابتهم لكن هي خير بالنسبة للآخرين يتعظون ويخافون وقد تكون خيراً لأولئك المصابين بحيث يرجعون إلى الله عز وجل ويعرفون أن المعصية عاقبتها وخيمة (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))[الروم:41]إذا فلا منافاة بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك ) وبين مثل هذه الآية (( إن يردن الرحمن بضر )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات صفة الرحمة لله ، مأخوذ من قوله : (( الرحمن )) لأن الرحمن وصف مشتق ، والوصف المشتق يدل على المعنى المشتق منه ولا بد بخلاف الأسماء الجامدة كأسد وحجر وتراب وما أشبهها هذه لا تدل على معنى لكن الأسماء المشتقة لابد أن تدل على معنى هذا بالنسبة إلى أسماء الله ورسوله وكتابه أما بالنسبة لمن تسمى بها من المخلوقين فقد تدل على المعنى وقد لا تدل ، قد يسمي شخصاً عبد الله وهو كافر بالله ، وقد يسمي شخصاً محمداً مذمم ، وقد يسمي خالد وهو سيموت ، وقد يسميه صالح وهو من أفسد الناس واضح ، طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن عابد الأصنام يموهون على الناس بعبادتها فيدعون أنهم يعبدونها لتكون شفيعة لهم عند الله وهذا عندما يسمعه السامع يظن أنهم يجعلون الآلهة في مرتبة دون الله لأن مرتبة الشافع دون مرتبة المشفوع إليه أليس كذلك ؟ فيقولون : إنهم شفعاء لنا عند الله والحقيقة أنهم لم يجعلوهم شفعاء بل جعلوهم شركاء لله واضح ، كيف شركاء ؟ لأنهم يعبدونهم كما يعبدون الله فيستفاد منه الحذر من التلبيس بالتسمية وأن صاحب الباطل قد يسمي نفسه فيما يقتضي أن يكون على حق وليس كذلك ، وهذا موجود ؟ كثير موجود ، المعتزلة يسمون أنفسهم أهل التوحيد والمعطلة يسمون أنفسهم أهل تنزيه نحن ننزه الله أما أنتم أهل السنة أنتم لا تنزهون الله جعلتموه صنماً فمثلتموه بالخلق في إثبات الصفات وهؤلاء أيضاً أهل التوحيد نفس الشيء يقولون نحن نفينا الصفات لنوحد الله لأن تعدد الصفات يستلزم تعدد الموصوف هذا تمويه .
المعتزلة ينكرون أن يكون لله تعالى تعلق بفعل العبد فيسمون أنفسهم أهل العدل أما أنتم يا أهل السنة فأنتم أهل الظلم جعلتم الله ظالماً حيث هو الذي يقدر المعاصي على العبد ثم يعاقبه عليها أما نحن فنحن أهل العدل نقول : أن الإنسان هو المستقل بنفسه وعمله فإذا جوزي على معصيته فقد استحق الجزاء لأنه فعله ، النصارى سموا أنفسهم بماذا ؟ بالمسيحيين توصيفاً لحالهم ليوهموا أنهم على دين المسيح والواقع أن المسيح بريء منهم وأنهم ليسوا عل دينه لو كانوا على دينه وقابلين له لقبلوا بشارته بمحمد صلى الله عليه وسلم فإن عيسى بشرهم به قال : (( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ))[الصف:6]ولو كانوا مؤمنين بالإنجيل لآمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام لأن الله يقول : (( الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ ))[الأعراف:157]فهم لا آمنوا بعيسى ولا بكتاب عيسى وهو الإنجيل لكن مع ذلك سموا أنفسهم بالمسيحيين توصيفاًَ لما هم عليه من الباطل ليصبغوا نحلتهم بصبغة مقبولة طيب المهم أنه يجب الحذر من التلبيس بالتسمية لأن هؤلاء يقولون : نعبد الآلهة لتكون إيش ؟ شفعاء أو ليكونوا شفعاء لنا وهم في الحقيقة إنما جعلوهم شركاء .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا أحد ينقذ من أراده الله تعالى بسوء أو بضرر لقوله : (( ولا ينقذون )) فإن قلت كيف يجتمع هذا مع أننا نشاهد الغريق عصفت به الريح حتى سقط في الماء فجاء شخص فأنقذه فهذا أنقذ مما أراده الله به من السوء ؟ أن نقول إن إنقاذه بتقدير الله عز وجل لو شاء الله أن يهلك هذا لم يكن عنده أحد ولو شاء الله أن يهلك لكان عنده من لا يجيد السباحة ولو أراد الله أن يهلك لكان عنده من لا يريد الإحسان أليس كذلك ؟ فإذا قيض الله له شخصاً قادراً على إنقاذه محباً للإحسان أنقذه بقدر الله عز وجل ونحن نؤمن بالأسباب لكننا لا نؤمن بأنهم مستقلة كذا يا ولد فنكون وسطاً بين الذين ينكرون تأثير الأسباب وبين الذين يدعون أنها مؤثرة بنفسها نقول إنها مؤثرة لكن بجعل الله لها تأثيراً ولو شاء الله تعالى لسلب ذات الأسباب تأثيرها ، فالنار محرقة وباردة قال الله تعالى لها حينما ألقي فيها إبراهيم : (( كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )) فصارت إيش ؟ برداً وسلاماً لم تكن سبباً للإحراق والماء جوهر سيال لا يمكن حجزه إلا بحواجز ثخينة ولما ضرب موسى البحر صار الماء كالجبال بدون حواجز وهذا خلاف الأسباب المعتادة لكنه بقدر الله عز وجل وبه نعرف أن الأسباب مؤثرة بجعل الله تعالى لها تأثيراً وإلا لسقط تأثيرها لأن الكل بيد الله
وبمناسبة ذكر النار لإبراهيم عليه الصلاة والسلام قال بعض المفسرين : " إن الله لما قال لها : (( كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )) صارت جميع النيران في جميع أقطار الدنيا باردة ولا تسخن واستغرب الناس ذلك " قالوا إيش بلى نارنا اليوم ما غلى القدر عليها نعم تأخر طعامنا ما نضج لأن النار صارت باردة لكن هذا لاشك أنه قول خاطئ ، ما هو خطأ خاطئ بعيد من الصواب بل هو خلاف أمر الله عز وجل ، الله قال :
(( قلنا يا نار )) ونار نكرة مقصودة ولهذا بنيت على الضم فهي كالعلم يراد بها شيء معين وهي النار التي ألقي فيها ثم قال : (( كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )) فهو خلاف الآية الكريمة لكن ما أدري سبحان الله بعض الناس رحمه الله عليهم وعفا عنهم يذهبون مذاهب تقول كيف تقع هذه من عالم والغالب تجدها عن بني إسرائيل فتؤخذ مسلمة ولا ينتبه لمعارضتها لآي الكتاب
قال الله تبارك وتعالى ، أظن المناقشات انتهت .
الطالب : ...
الشيخ : كيف ؟ إيش ؟