التعليق على تفسير الجلالين : (( إني إذا )) أي إن عبدت غير الله (( لفي ضلال مبين )) بين (( إني ءامنت بربكم فاسمعون )) أي اسمعوا قولي ، فرجموه فمات . حفظ
يعني إن اتخذت معه آلهة أو عبدت غيره (( لفي ضلال مبين )) قال المؤلف : " بين " والضلال هو أن يتيه الإنسان عن جادة الصواب ثم إن كان عن علم كان طريقه طريق المغضوب عليهم وإن كان عن جهل كان طريقه طريق الضالين وقد ذكر الله تعالى في سورة الفاتحة فقال : (( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولضالين )) فالمغضوب عليهم هم الذي جانبوا الصواب عن علم والضالون هم الذين جانبوه عن غير علم ، والمهتدون الذين أنعم الله عليهم هم الذين عملوا بالصواب عن علم ووجه كونه ضلالاً مبيناً أي اتخاذ آلهة من دون الله أنه حيدة عن الواجب شرعاً وعقلاً فالواجب شرعاً ألا نتخذ إلهاً مع الله كما جاءت به جميع الرسل والواجب عقلاً ألا نتخذ آلهة مع الله لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان وفطره وهو الذي بيده النفع والضرر فكيف نتخذ معه آلهة لم تخلق ولا تنفع ولا تضر ،
(( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ )) أعلم رحمه الله أنه آمن بالله عز وجل وقال : (( آمنت بربكم )) وهناك قال : (( وما لي لا أعبد الذي فطرني )) إشارة إلى أنه ليس رباً له وحده بل هو رب للجميع
(( إني آمنت بربكم )) والإيمان بالله عز وجل يتضمن الإيمان بأمور أربعة : الإيمان بوجوده والإيمان بربوبيته وهنا صرح به في قوله : (( آمنت بربكم )) فإثبات الربوبية إثبات للوجود ، والثالث : الإيمان بألوهيته والرابع : الإيمان بأسمائه وصفاته ، أي أنه متفرد بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات وقوله : (( آمنت )) مر علينا كثيراً أن الإيمان في اللغة التصديق عند كثير من المفسرين الذين يفسرون الإيمان وقيل إن معناه : الإقرار والاعتراف فهو أخص من التصديق ، قال : (( فاسمعون )) الفاء هذه عاطفة على قوله : (( آمنت بربكم )) أو على الجملة كلها وقوله : (( اسمعون )) أي اسمعوا قولي وهذا إعلان منه رحمه الله بإيمانه مراغمة لقوله وإقامة للحجة عليهم ولهذا لما أعلن هذا الإعلان قتلوه