التعليق على تفسير الجلالين : (( والقمر )) بالرفع والنصب ، وهو منصوب بفعل يفسره ما بعده (( قدرناه )) من حيث مسيره (( منازل )) ثمانية وعشرين منزلا في ثمان وعشرين ليلة من كل شهر ، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما ، وليلة إن كان تسعة وعشرين يوما (( حتى عاد )) في آخر منازله في رأي العين (( كالعرجون القديم )) أي كعود الشماريخ إذا عتق فإنه يرق ويتقوس ويصفر . حفظ
قال : " والقمر بالرفع والنصب وهو منصوب بفعل يفسره ما بعده " يعني يفسره المذكور والتقدير على هذا وقدرنا القمر منازل ولا حاجة أن تقول كما يقول بعض الناس : التقدير وقدرنا القمر قدرناه ليش ؟ إذ لا يجمع بين المفسر والمفسَّر فإذا أردت أن تقدر فقل التقدير وقدرنا القمر إيش ؟ منازل نعم فإذا قلت لماذا لم يقل عز وجل وقدرنا القمر منازل ؟ قلنا لأنه إذا أتى بالجملة الاسمية التي خبرها فعل صار كأنه أسند هذا إليه مرتين ، أسند الفعل اللي هو التقدير إلى القمر مرتين مرة بذكر اسمه ظاهراً ومرة بذكر اسم مضمراً (( قدرناه )) قال الله تعالى : (( والقمر قَدَّرْنَاهُ )) من حيث سيره (( مَنَازِلَ )) تقدير الله عز وجل القمر (( منازل )) لأنه بهذا التقدير يمكن أن يأتي على هذا الوجه الذي نشاهده يتغير كل ليلة عن الأخرى ولولا هذا التقدير ما تغير لكنه مقدر منازل ثمانية وعشرين منزلاً على حسب النجوم المعروفة عند العرب كل ليلة ينزل منزلة ويبقى ليلة واحدة إن كان تسع وعشرين أو ليلتان إن كان ثلاثين تسمى هاتان الليلتان ليالي الاستسراء يعني الاختفاء يختفي فيها القمر إما في أول الشهر التالي وإما في آخر الشهر السابق يقول الله عز وجل : (( والقمر قدرناه منازل )) ثمانية وعشرين منزلاً في ثماني وعشرين ليلة من كل شهر ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً وليلة إن كان تسعة وعشرين يوماً ومن أراد التفصيل في العلم هذا فليقرأ ما كتبه أهل العلم في ذلك ولا سيما في عصرنا فإنهم اطلعوا على أشياء عجيبة في هذا التقدير ، القمر قدره الله منازل كل يوم منزلة إذاً هو يختلف كل ليلة عن إيش ؟ عن الأخرى ولهذا يبدوا صغيراً ثم يكبر ثم يعود يصغر بحسب قربه من الشمس كلما قرب من الشمس ضعف نوره لأن نور القمر مستمد من نور الشمس ونفسه ليس فيه إضاءة جرم مظلم كما قال الله تعالى : (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ))[الإسراء:12]فهو جرم مظلم لا يستفيد نوراً إلا بغيره فإذا قابل الشمس حصل فيه النور كلما أبعد عنها كثرت المقابلة لأن السير كروي فكلما قرب ضعفت المقابلة إذا ارتفع زادت المقابلة ولهذا يمتلئ نورا فيما إذا كان في المشرق والشمس في المغرب لتمام المقابلة حينئذ ، يعني يكون هكذا التقابل بينهما فيمتلئ نوراً وما هو الجزء المنير منه ؟ الجزء المنير منه هو الذي يلي الشمس ولهذا تجده في أيام الشتاء إذا كانت الشمس خلفه تكون فتحة قوسه نحو المشرق ، في أيام الصيف تكون فتحة قوسه نحو الجنوب لأن الشمس تكون عنه شمالاً وهو يكون عنها جنوباً فتجده فتحته نحو الجنوب وفي الشتاء حيث يستدبرها ويكون وراءها تجد فتحته تكون نحو المشرق ولهذا يغلط بعض الناس الذي يظن أن اتجاه فتحة القمر يعني ...قوسه دائماً إلى الشرق أو إلى الجنوب هذا ليس بصواب وإذا أردت أن تعرف هذا ...
طيب يقول : (( قدرناه منازل حَتَّى عَادَ )) في آخر منازله في رأي العين (( كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) أي كعود الشماريخ إذا عتق فإنه يرق ويتقوس ويصفر ، حتى عاد القمر بعد تقدير هذه المنازل (( كالعرجون القديم )) العرجون يسمى في اللغة العامية عندنا عرجود بالذال هذا العرجود هو أصل الشماريخ الذي في طلع النخل وهو إذا يبس يتقوس ويصفر فشبه الله عز وجل القمر في رؤية العين بهذا العرجون القديم أي أنه يبدو دقيقاً أصفر متقوساً وهذا من باب التشبيه البليغ ولا غير البليغ ؟ غير البليغ ليش ؟ لأنه ذكرت أداة التشبيه ، التشبيه البليغ هو الذي يحذف فيه أداة التشبيه ووجه الشبه فإن ذكر أحدهما فالتشبيه ليس ببليغ ، طيب يقول :
(( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) .