التعليق على تفسير الجلالين : (( وءاية لهم )) على قدرتنا (( أنا حملنا ذريتهم )) وفي قراءة (( ذرياتهم )) أي آبائهم الأصول (( في الفلك )) أي سفينة نوح (( المشحون )) المملوء . حفظ
ثم قال تعالى (( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ )) وفي قراءة (( ذرياتهم )) أي آباءهم الأصول (( فِي الْفُلْكِ )) أي سفينة نوح (( الْمَشْحُونِ )) المملوء ، (( وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ )) أي مثل فلك نوح وهو ما عملوه على شكله من السفن الصغار والكبار لتعليم الله عز وجل (( مَا يَرْكَبُونَ )) (( آية لهم )) أي للناس جميعاً على أي شيء ؟ يقول المؤلف : " على قدرتنا ونحن نسلم بذلك " لكن فيه أيضاً آية على شيء آخر وهو رحمة الله عز وجل بالخلق ونعمه عليهم فآية لنا دالة على قدرة الله ورحمته وفضله علينا هذا الفلك الذي سخره الله عز وجل يجري في البحر يحمل الأرزاق من جهة إلى جهة ويحمل الناس ويحمل المواشي ويحمل كل ما فيه مصلحتنا فهذا من الآيات الدالة على قدرة الرب عز وجل وعلى رحمته وقوله : (( أنا حملنا ذريتهم )) هذه الجملة في تأويل مصدر هي المبتدأ يعني وآية لهم حملنا ذريتهم (( ذريتهم )) و (( ذرياتهم )) قال المؤلف : " أي آباءهم الأصول " فجعل المراد الذرية هنا الأصول يعني الآباء مع أن المعروف في اللغة العربية أن الذرية هم الفروع وليسوا الآباء كما قال الله تعالى : (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ))[الحديد:26]والمؤلف ومن ذهب مذهبه في تفسير الآية يقول : " إن الذرية لفظ مشترك بين الأصول والفروع لأنها مأخوذة من ذرأ والذرء كائن للأصول والفروع " ثم يقولون : إن سياق الآية يدل على ذلك ، (( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ )) (( ذريتهم )) الصغار الموجودون معهم إذا حملوا فسيحملون معهم هم وإن كان المراد بالذرية فيمن ياتي بعد فكيف يكون ذلك آية وهي غير مشهودة لهم ؟ إذاً يتعين أن يكون المراد بالذرية الأصول لأن الصغار المشهودين حملهم حمل لآبائهم لأن الغالب لا يحملون إلا مع آبائهم والصغار غير المشهودين الذين يأتون فيما بعد لا يكونون آية لمن إيش ؟ لمن لم يشاهدها فتعين أن يكون المراد بالذرية الآباء وهذه الذي ذهب إليها المؤلف يوافق ظاهر الآية لكنه يخالف ما كان معهوداً في اللغة من أن الذرية هم الفروع ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالضمير هنا الجنس لا العين والمعنى (( ذريتهم )) أي ذرية جنسهم كنوح مثلاً نوح عليه الصلاة والسلام من جنسنا آدمي بشر فحمل الله ذريته في الفلك المشحون قالوا : وهذا لا يمتنع في اللغة العربية (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ))[المؤمنون12:13](( جعلناه )) أي جنس الإنسان وليس عينه لأن الذي جعل نطفة هل هو آدم الذي خلق من السلالة أو غيره ؟ غيره بلا شك إذاً فالضمير عاد إلى آدم باعتبار الجنس فليعد الضمير في قوله : (( ذريتهم )) إلى الموجودين باعتبار إيش ؟ نعم باعتبار الجنس فمن هو الجنس ؟ قالوا : هو نوح لأنه بشر آدمي وذريته هي المحمولة فيكون المعنى أنا خلقنا ذريتهم أي ذرية جنسهم وهو نوح عليه الصلاة والسلام حملت ذريته في الفلك المشحون وخلق لهم من مثله ما يركبون وهذا قريب جداً ولا يخالف ظاهر الآية ويشير إلى هذا إلى أن هذه السفينة جعلت آية لمن بعد نوح يعتبرون بها ويصنعون منها قوله تعالى في سورة القمر : (( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ))[القمر:15]فيه رأي ثالث إن شاء الله نتكلم عليه غداً نعم