التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم )) من عذاب الدنيا كغيركم (( وما خلفكم )) من عذاب الآخرة (( لعلكم ترحمون )) أعرضوا . حفظ
ثم قال تعالى : (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ )) من عذاب إيش ؟ هم الدنيا كذا ، من عذاب هم الدنيا عندي ، ما بهم عندكم .
الطالب : ...
الشيخ : (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ )) من عذاب الدنيا لأن الهم ما هو العذاب فقط ، من عذاب الدنيا كغيركم (( وَمَا خَلْفَكُمْ )) من عذاب الآخرة (( لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) أعرضوا ، قوله : (( إذا قيل لهم )) الجملة هذه شرطية فعل الشرط فيها (( قيل )) وجوابه محذوف قدره المؤلف بقوله : " أعرضوا " وهذا التقدير لاشك أنه التماس من المؤلف وإلا فقد يكون الأمر أوسع مما قال المؤلف وحذف مثل هذا فيه من البلاغة أن الذهن يقدر كل ما يمكن أن يقدره مما يترتب على هذا القول هذا من جهة ، من جهة أخرى أن الناس إذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم تختلف إجاباتهم منهم من يعرض ويسكت ومنهم من يستكبر ويسب ومنهم من يقاتل إلى غير ذلك من الأمور التي لا تخفى فكان في حذف هذا من البلاغة ما هو ظاهر ليذهب الذهن كل مذهب في تقدير هذا المحذوف قوله : (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ )) من القائل ؟ القائل هنا مبهم لأن الفعل مبنياً للمجهول ليشمل أي واحد يقول لهم هذا القول سواء كان من قول الله عز وجل في كتابه أو كان من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته أو كان من قول الدعاة بعد ذلك فهؤلاء الكفار إذا قيل لهم : (( إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ )) (( ما بين أيديكم )) من عذاب الدنيا فإن الله سبحانه وتعالى قد يعذب الكافر في الدنيا كما عذب الأمم السابقة وكما عذب هذه الأمة أيضاً لكن عذاب هذه الأمة يكون بابتلاء بعضهم ببعض (( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ))[محمد:4] (( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ ))[الدخان:16]كانت هذه في غزوة بدر حين قتل صناديد قريش فسماها الله تعالى بطشة كبرى أما الأمم السابقة فعقوباتهم معروفة فهنا (( اتقوا ما بين أيديكم )) من عذاب الدنيا العذاب المتنوع سواء كان بأيدي المؤمنين أو كان من فعل الله عز وجل كالقحط والزلازل والغرق وغير ذلك (( وما خلفكم )) من أمر الآخرة وعذاب الآخرة أشق وأشد وأبقى وهنا قال : (( ما خلفكم ))
قد يقول قائل : لو كان الأمر بالعكس لكان أقرب إلى الصواب يقول : (( ما بين أيديكم )) من عذاب الآخرة لأنه مستقبل (( وما خلفكم )) من عذاب الدنيا لأن الدنيا هي التي يخلفها الإنسان وراءه
ولكن نجاوبه عن هذا بأن الذي بين أيديهم حقيقة هو الدنيا وما ما خلفهم فإن الخلف والوراء قد يطلق بمعنى الأمام ومنه قوله تعالى : (( وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ))[الكهف:79]قال العلماء معناه : أمامهم ، وكقوله تعالى : (( وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ))[إبراهيم:17]أي أمامه وقوله : (( لعلكم ترحمون )) لعل هنا للتعليل أي لأجل أن يرحمكم الله عز وجل إذا قيل لهم هذا الشيء فجمع لهم بين الترغيب والترهيب ، الترهيب يا خالد في قوله : (( لعلم ترحمون )) والترهيب في قوله : (( اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم )) هؤلاء جمع لهم بين الترغيب والترهيب ومع ذلك لا يستجيبون بل يعرضون ويستكبرون ويسخرون ويقولون هذا أساطير الأولين وما أشبه ذلك مما هو معروف عن هؤلاء إذا دعوا إلى الله نعم ،