التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا قيل )) أي قال فقراء الصحابة (( لهم أنفقوا ))علينا (( مما رزقكم الله )) من الأموال (( قال الذين كفروا للذين ءامنوا )) استهزاء بهم (( أنطعم من لو يشآء الله أطعمه )) في معتقدكم هذا ؟ (( إن )) ما (( أنتم )) في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا (( إلا في ضلال مبين )) بين ، وللتصريح بكفرهم موقع عظيم . حفظ
(( إذا قيل لهم )) قال المؤلف : " أي قال فقراء الصحابة " (( أنفقوا )) علينا (( مما رزقكم الله )) من الأموال هكذا سار المؤلف في تفسير الآية فجعل القائل هم الفقراء وعلى هذا فتكون الآية في سؤال الفقراء من الأغنياء أي ينفقوا يعني إذا جاء الفقراء يسألون الأغنياء أن ينفقوا تهكموا بهم وقالوا : كيف نطعمكم والله تعالى لم يشأ أن نطعمكم ؟ ولو شاء أن نطعمكم لأعطيناكم بدون سؤال هذا توجيه الآية على ما مشى عليه المؤلف ولكن الذي ينبغي أن نجعل الآية عامة لأنه أبهم فيها الفاعل وإبهام الفاعل يراد به بعض الأحيان يراد به التعميم فـ(( إذا قيل لهم )) أي إذا قال لهم أحد من الناس سواء كانوا الفقراء يسألونهم الإنفاق أو كانوا الأغنياء يحثونهم على الإنفاق لأن الأغنياء من الصحابة مثلاً ينفقون فيحثون الأغنياء من الكفار على أن ينفقوا أيضاً فالصواب أن نبقي الآية على إبهامها ليكون أعم وقوله : (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ )) الإنفاق بمعنى البذل والإعطاء وقوله : (( مما رزقكم )) أي مما أعطاكم الله ، وفي قولهم : (( أنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ )) دون قولهم أنفقوا من أموالكم فيها تنبيه على أن هذا الذي بين أيديكم ليس من كسبكم في الواقع ولكنه من رزق الله فكان عليكم أن تنفقوا من هذا الذي رزقكم الله لأن الله يأمركم به فالذي أمركم بالإنفاق هو الذي أعطاكم هذا المال فكيف تنكرون فضله وتستكبروا عن أمره فلا تنفقون فهذا هو الفائدة في قوله : (( مما رزقكم الله )) الجواب (( قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ )) قوله : (( قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا )) اللام هذه الأصح أنها على بابها وأن المراد بها الصلة يعني قالوا قولاً يصل للذين آمنوا ، من الذين آمنوا ؟ هم الذين قالوا لهم : (( أنفقوا مما رزقكم الله )) (( قالوا )) قال المؤلف : " استهزاء بهم " يحتمل ما ذكر المؤلف أنه استهزاء ويحتمل أنه من باب الاحتجاج بالقدر عناداً وتحججاً يقولون : (( أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ )) (( من )) هنا بمعنى الذي ويجوز أن تكون نكرة موصوفة أي نطعم أحداً لو يشاء الله أطعمه من دوننا أو أنطعم الذي لو يشاء الله أطعمه و (( لو )) هنا حرف امتناع لامتناع وشرطها قوله : (( يشاء )) وجوابها (( أطعمه )) وقد أتت على خلاف الأكثر حيث حذفت اللام من الجواب والأصل من لو يشاء الله لأطعمه فإن جواب لو كان مثبتاً فالأكثر فيه إثبات اللام وقد تحذف اللام وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى : (( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ))[الواقعة46:65]ثم قال : (( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ))[الواقعة69:70]فأتت اللام في جواب (( لو )) في الآية السابقة وحذفت من الآية الثانية هذه الآية التي معنا من باب محذوف اللام (( أنطعم من لو يشاء الله أطعمه )) قال المؤلف : " إنهم يقولون ذلك استهزاءً وتهكماً " يعني أنطعم قوماً لو شاء الله لأطعمهم فإطعامهم لنا أي إلينا وإلا إلى الله ؟ إلى الله
ويحتمل أنه من باب إيش ؟ الاحتجاج بالقدر فراراً من اللوم يعني أنطعم قوماً لو يشاء الله أطعمهم فأطعمناهم ولكن الله تعالى لم يشأ أن نطعمهم فلا نطعمهم هذا وجهين
الوجه الثالث يحتمل أنه قالوا هذا اعتراضاً على القدر كما يقوله الاشتراكيون والشيوعيون ليش أن يجعل أن الله هذا فقير ولا يعطيه ؟ فكأنهم يقولون في جوابهم هذا كأنهم في جوابهم هذا يعترضون على الله والذي يطعمهم من ؟ الله ما إحنا المسئولين عنهم ، المسئول عنهم الله وكان على الله أن يطعمهم لكن لم يشأ ذلك فيكون هذا فيه نوع من الاعتراض على القدر فهذه ثلاثة أوجه : الاستهزاء والثاني : الاحتجاج بالقدر والثالث : الاعتراض على القدر
ثم قالوا : (( إِنْ أَنْتُمْ )) أي ما أنتم في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا (( إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ )) بين يعني هؤلاء الكفار الذين أمروا أن ينفقوا على الفقراء يقولون للذي أمرهم أنت تعتقد أن الله لو شاء لأطعمهم فيقول نعم أعتقد ذلك يقولون : إذاً كيف تأمرنا أن نطعمهم والأمر بمشيئة الله ما أنت إلا في ضلال مبين وقوله : (( إن أنتم )) (( إن )) هنا نافية وإلا شرطية ؟ بمعنى ما ، ما الدليل على أنها نافية ؟ لوجود إلا بعدها وإذا جاءت إلا بعد إن فهي دليل على أن إن نافية ومر علينا قبل أيام قليلة أن إن ترد في اللغة العربية على أربعة أوجه :
الأول:
الطالب : ...
الشيخ : طيب ومثاله بني غدانة ما إن أنتم ذهب ولا صريف ولكن أنتم الخزف ، طيب تأتي أيضاً خالد ؟
الطالب : شرطية .
الشيخ : شرطية مثاله .
الطالب : ...
الشيخ : ولا تأتي بشاهد من القرآن أو من السنة أو من كلام العرب نعم ، (( إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا ))[النساء:135] هذه شرطية طيب ثالثاً فوزي .
الطالب : ...
الشيخ : وتأتي نافية مثاله .
الطالب : ...
الشيخ : طيب مخففة من الثقيلة مثاله .
الطالب : ...
الشيخ : قول الشاعر : " وإن مالك كانت كرام المعادن "
طيب وقوله المؤلف : (( مبين )) قال : " أي بين " فهي من أبان الناقص أو من أبان المتعدي ؟ أبان تأتي متعدية ولازمة فيقال : أبان الشيء بمعنى أظهره ويقال : أبان الصبح بمعنى ظهر إذا مبين من الرباعي من أبان يبين فهو مبين يحتمل أن تكون بمعنى بين على أنها من القاصر ولا من المتعدي ؟ من القاصر ويحتمل في غير هذا السياق أن تكون بمعنى أبان مثل (( والقرآن المبين )) ليس المعنى هو القرآن البين بل هو قرآن مبين للحق نعم ، قال المؤلف : " وللتصريح بكفرهم موقع عظيم " وين ؟ (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا )) ولم يقل : قالوا قال الذين كفروا ، (( قال الذين كفروا )) فله موقع عظيم ما هذا الموقع العظيم ؟ هذا الموقع العظيم
أولاً : التصريح بكفر هؤلاء لو قال : قالوا لقلنا لعلهم قالوا ذلك ليس بسبب الكفر ولكن بسبب البخل هذه فائدة أن هذا الإظهار في موضع الإضمار في هذه الآية للتصريح بكفرهم
الفائدة الثانية : أن مثل هذه المقالة لا تصدر إلا من كافر فيكون الكفر عاماً لكل من قال هذه المقالة وقد مر علينا فيما سبق أن الإضمار له ثلاث فوائد :
الفائدة الأولى : التصريح بالحكم على هؤلاء الذي يرجع إليهم الضمير .والثاني .