التعليق على تفسير الجلالين : (( ونفخ فى الصور )) هو قرن النفخة الثانية للبعث ، وبين النفختين أربعون سنة (( فإذا هم )) أي المقبورون (( من الأجداث )) القبور (( إلى ربهم ينسلون )) يخرجون بسرعة . حفظ
(( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ )) وهو قرن النفخة الثانية للبعث وبين النفختين أربعون سنة (( ونفخ في الصور )) النفخ في الصور يذكره الله عز وجل دائماً بالبناء لمجهول (( نفخ )) لأن الإبهام أبلغ في التهويل والتعظيم مما إذا ذكر الفاعل ولهذا تجدون قول الله تعالى : (( فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ))[طه:78]أبلغ مما لو بين هذا الذي غشيهم فالإبهام أحياناً يفيد التهويل والتعظيم هنا أبهم النافخ وفي كل الآيات مبهمة النافخ مبهم لبيان عظم هذا الأمر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي وكل بالنفخ في الصور هو إسرافيل أحد حملة العرش قال المؤلف : " النفخة الثانية للبعث وبين النفختين أربعون سنة " (( فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ )) إلى آخره (( نفخ في الصور )) للبعث وقد ذكر الله تعالى النفخ في الصور في هذه الآية وفي سورة الزمر وفي سورة النمل وكذلك في سورة الأنعام وغيرها ، المهم أن العلماء اختلفوا في النفخة هل هن ثلاث أو هما اثنتين ؟ منهم من قال : إنها اثنتان ، ومنهم من قال : إنها ثلاث ، والظاهر أنهما اثنتان فقط لكن الأولى منهما فيها فزع وصعق والثانية فيها بعث وهذا ظاهر ما ذهب إليه المؤلف حيث قال : " النفخة الثانية للبعث " فتكون نفختان لكن الأولى منهما يحصل فيها فزع عظيم ثم موت
وقال بعض العلماء : إنها ثلاث النفخة الأولى فزع والنفخة الثانية صعق وموت والنفخة الثالثة بعث ، في سورة الزمر قال تعالى : (( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ))[الزمر:68]فذكر اثنتين ، في سورة النمل (( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ )) ثم ذكر يوم القيامة وطوى ذكر الثانية ، فيكون هذا الفزع قبل الموت ثم الموت ثم البعث ، قال : (( نفخ في الصور )) والصور قرن عظيم واسع ورد في الحديث أن سعته كما بين السماء والأرض ينفخ فيه للبعث فتخرج الأرواح منه وتأوي كل روح إلى جسدها الذي تعمره في الدنيا لا تخطئه على كثرة الأرواح الخارجة من هذا الصور لا تخطئ روح جسدها الذي كانت تعمره في الدنيا حتى لو قدر أن عشرات الناس دفنوا في مكان واحد فإن روح كل واحد لا تأوي إلا إلى جسده تقدير العزيز العليم جل وعلا قال الله تعالى : (( فإذا هم )) أي المقبورون
(( من الأجداث )) القبور (( إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ )) يخرجون بسرعة قوله : (( فإذا هم )) الفاء عاطفة و
(( إذا )) حرف دال على المفاجئة و (( هم )) مبتدأ الجملة فيها استئناف خبره و (( من الأجداث )) وإلى ربهم متعلقة بـ(( ينسلون )) يقول الله تعالى : (( فإذا هم )) يعني بمجرد ما يحصل النفخ لا يحصل لوقت بينهما أي بين النفخ في الصور والخروج من القبور ، (( فإذا هم من الأجداث )) من القبور يخرجون إلى الله تعالى مسرعين وقوله : (( فإذا هم من الأجداث )) الضمير في (( هم )) قال المؤلف : " أي المقبورون " من أين علمنا أن المراد المقبورين ؟ لقوله : (( من الأجداث )) لأن (( الأجداث )) هي القبور وقوله : (( فإذا هم من الأجداث )) هذا بناء على الأغلب الكثير لأن من الناس من لا يكون في جدث بل يلقى في اليم أو يلقى في الأرض على ظاهرها أو تأكله السباع أو يحترق وتذروه الرياح لكن الغالب والأكثر أنهم في القبور وقوله : (( إلى ربهم )) فيها تقدير المعمول لإفادة الحصر يعني لا ينسلون إلى دنيا أو إلى قريب أو إلى صديق وإنما ينسلون إلى الله عز وجل والنسلان معناه السير بسرعة كما قال الله تعالى : (( وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ))[الأنبياء:96]أي يخرجون بسرعة .
ومن فوائد الآية الكريمة التي قبل هذه وهذه أيضاً : أن النفخ في الصور إذا وقع .