التعليق على تفسير الجلالين : (( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل )) بسكون الغين وضمها . عما فيه أهل النار مما يتلذذون به كافتضاض الأبكار ، لا شغل يتعبون فيه ، لأن الجنة لا نصب فيها (( فاكهون )) ناعمون خبر ثان لإن ، والأول في شغل . حفظ
(( في شغل )) يقول المؤلف : " بسكون الغين وضمها " (( شغْل )) و (( شغُل )) القراءتان سبعيتان أو أحداهما شاذة ؟ سبعيتان لأن المؤلف رحمه الله من طريقه أنه إذا قال في قراءة وفي قراءة فهما متساويتان أي كلاهما قراءة أو كلتاهما قراءة سبعية أما إذا قال : وقرئ فإن هذه القراءة تكون شاذة فليعلم اصطلاحه حتى لا يشتبه نعم ، ما رأيك في كلام المؤلف هذا وفي قراءة ؟ تعلم أن هذه القراءة سبعية يعني أنها من القراءات الصحيحة التي إن شئت فاقرأ بها وإن شئت فاقرأ القراءة الثانية فيجوز لنا أن نقول : (( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغْلٍ فاكهون )) (( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكهون )) وهل الأفضل أن نقتصر على قراءة واحدة أو أن نقرأ تارة بهذه وتارة بهذه ؟ الصحيح أن الأفضل أن نقرأ بهذه تارة وبهذه تارة لأن الكل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحن إذا بقينا على قراءة واحدة هجرنا بقية القراءات مع أنها شرعية ثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام فالأولى أن تقرأ مرة بهذه ومرة بهذه إلا أمام العامة فلا تفعل لأنك إذا قرأت بقراءة مخالفة عما بين أيديهم من المصاحف فسوف يكون في ذلك فتنة ويكون في ذلك زعزعة للثقة في كتاب الله عز وجل لكن إذا كنت تقرأ لنفسك أو تقرأ بين طلبة علم فالأفضل أن تقرأ أحياناً بهذا وأحياناً بهذا ، قال المؤلف : (( في شغل )) " بسكون الغين وضمها عما فيه أهل النار مما يتلذذون به " إذاً هم منشغلون عما فيه أهل النار ولو أن المؤلف جعلها مطلقة على إطلاقها لكان أولى هم في شغل عن كل شيء بما يتلذذون به ، يعني كأنهم لا يفكرون في أي شيء آخر لأن هذا الذي هم فيه من نعيم قد إيش ؟ شغلهم وانشغلوا به عن غيره وهذا كقوله تعالى : (( خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ))[الكهف:108]^أي لا يبغون تحولاً أو نزولاً عما هم فيه حتى النازل منهم يرى أنه أكمل الناس نعيماً فالأولى أن نطلق ونقول في شغل أي أنهم مشتغلون بما هم فيه من النعيم عن كل شيء لا ينظر أحدهم أو لا ينتظر أحدهم نعيماً أرقى مما هو فيه بحيث يرى أن نعيمه ناقص ولا يلتفت إلى شيء أبداً (( في شغل )) قال المؤلف : " كافتضاض الأبكار " الكاف هنا للتشبيه وليست للحصر يعني من جملة ما ينشغلون به التلذذ بافتضاض الأبكار يعني النساء من نساء الدنيا وكذلك الحور العين وإنما مثل المؤلف بذلك لقوله : (( هم وأزواجهم في ظلال )) قال : " كافتضاض الأبكار لا شغل يتعبون فيه " لأن الجنة لا نصب فيها نعم معلوم أن هذا الشغل ليس شغلاً يتعبون فيه ولكنه شغل يستريحون فيه لأنه شغل فيما يسر وفيما يحصل به التنعم قال : (( فاكهون )) ناعمون خبر ثانٍ لـ(( إن )) والأول (( في شغل )) (( فاكهون )) خبر ثان لـ(( إن )) أين الأول ؟ (( في شغل )) الجار والمجرور فتكون (( إن )) هنا لها خبران وهل يجوز أن يتعدد الخبر ؟ الجواب نعم يجوز أن يتعدد الخبر قال الله تعالى : (( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد ))[البروج13:14]^هذا خمس خبرات فالخبر يجوز أن يتعدد لكن تعدد الخبر قد يكون لكل كلمة منه معنى مستقل وقد تكون كلمتان في معنى كلمة واحدة فمثلاً إذا قلت : هذا البرتقال حلو حامض ، هاتان كلمتان لكنها بمعنى كلمة واحدة أي مز يعني جامع بين الحلاوة والحموضة لكن لو قلت : فلان قائم مسرور هل الخبران بمعنى خبر واحد ؟ لا كل واحد منهما له معنى مستقل بدليل أن أحدهما ينفرد عن الآخر بمعنىً مستقل ، الخلاصة الآن أننا فهمنا من كلام المؤلف أن الخبر يجوز أن يتعدد سواء كان منسوخاً كما في الآية أو غير منسوخ