التعليق على تفسير الجلالين : (( ولقد أضل منكم جبلا )) خلقا جمع جبيل كقديم ، وفي قراءة بضم الباء (( كثيرا أفلم تكونوا تعقلون )) عداوته وإضلاله ، و ما حل بهم من العذاب ، فتؤمنون ؟. حفظ
(( لقد أضل منكم جبلاً )) أي خلقاً (( كثيراً )) ولا يعني ذلك أن الأكثر لم يضلل من قبل الشيطان بل هو أضل أكثر الخلق ، أكثر الخلق أضلهم الشيطان لأنه ثبت في الحديث الصحيح ( أن الله يوم القيامة يقول : يا آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار يقول : يا رب وما بعث النار قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ) هؤلاء كلهم في النار من بني آدم وواحد في الجنة فشق ذلك على الصحابة وعظم ذلك وقالوا : " أينا ذلك الواحد يا رسول الله " قال : ( أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ) وهو كذلك من شاهد الخلق الآن ونحن في جزء بسيط من العصور وجد أن تسعمائة وتسع وتسعين كلهم على ضلال حتى المنتسبين منهم إلى الدين الإسلامي عندهم ضلال عظيم يبلغ بهم الكفر وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام طيب إذاً المراد بالكثير هنا الأكثر ؟ نعم المراد الأكثر (( جبلاً كثيراً )) قال : (( أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ )) الهمزة هنا للاستفهام والمراد بالاستفهام هنا التوبيخ يوبخهم على عدم العقل والفاء هنا عاطفة والمعطوف عليه إما ما سبق وإما جملة مقدرة مناسبة للمقام رأيان لأهل العلم فمنهم من يقول : إن حرف العطف يعطف ما بعده على ما قبله ولكن في الكلمة تقديم وتأخير بين حرف العطف والهمزة ولو جعل كل واحد مكانه لكان اللفظ فألم تكونوا تعقلون ، ومنهم من قال : إن الهمزة في محلها وإن الفاء عاطفة على مقدر يفهم من المقام أو من السياق هذا في الحقيقة قد يكون أقعد يعني أقرب إلى القواعد لكنه أصعب إذا أنك في بعض المواضع لا تستطيع أن تقدر شيئاً ولا تعلم أي شيء مناسباً فحينئذ يكون الثاني الأيسر والقاعدة عندي فيما إذا اختلف النحويون في مسألة أن الراجح هو الأيسر ما لم يلزم منه اختلاف معنى ويكون المعنى التابع للأيسر غير صحيح فحينئذ لا نتبع الأيسر لأنه يخل بالمعنى ويؤدي إلى معنى غير صحيح لكن ما دام المعنى مستقيماً على الوجهين فالأيسر هو الراجح ( يسروا ولا تعسروا )
(( أفلم تكونوا تعقلون )) يعني أنه وبخهم على عدم عقلهم والعقل نوعان : عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف ، وعقل بمعنى التصرف وهو الذي يترتب عليه المدح أو الذم ، العقل عقلان : عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف وإن شئت فقل هو مناط التكليف والذي يقول فيه الفقهاء من شروط العبادة العقل ، عقل آخر بمعنى التصرف وهو الذي يترتب عليه المدح والذم ، أيهما المراد هنا ؟ المراد الثاني قطعاً ، لأنهم لو انتفى عنهم عقل الإدراك لم يكونوا مكلفين ولا يتوجه إليهم اللوم لكنهم انتفى عنه عقل التصرف فلم يحسنوا التصرف فصاروا عقلاء غير عقلاء ، عقلاء باعتبار الإدراك المترتب عليه التكليف ، غير عقلاء باعتبار التصرف المرتب عليه المدح أو الذم ، فهم في الحقيقة وإن أعطوا عقولاً أو بعبارة ثانية إن أعطوا ذكاءً لم يعطوا عقلاً وما أحسن عبارة شيخ الإسلام رحمه الله في المتكلمين حيث قال في وصفهم : " إنهم أوتوا ذكاءً وما أوتوا ذكاءً وأوتوا فهوماً ولم يؤتوا علوماً وأوتوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذا كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا يستهزءون " أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً نسأل الله العافية فكان ذكاؤهم حجة عليهم وأوتوا فهوماً عندهم فهم لكن ما عندهم علم والإنسان إذا تكلم بفهمه لا بعلمه ضل وضاع فلابد من علم تبني عليه عقيدته وعبادته ، المهم أن هؤلاء أوتوا عقولاً تقوم بهم عليهم الحجة ولكنهم حرموا من العقول التي يترتب عليها المدح والذم التي هي الرشد وحسن التصرف فما استعملوا عقولهم التي أنعم الله بها عليهم ما استعملوها فيما ينفعهم (( أفلم تكونوا تعقلون )) يقول رحمه الله : (( أفلم تكونوا تعقلون )) " عداوته وإضلاله أو ما حل بهم من العذاب فتؤمنون " يعني لو أنكم عقلتم عداوته وإضلاله أو عقلتم ما حل بالمتبعين له من العذاب والنكال لكنتم تخالفونه ولا تعبدونه ولآمنتم بالله وحده ولكن الهوى غطى الهدى كما قال عز وجل : (( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ ))[فصلت:17]
(( أفلم تكونوا تعقلون )) يعني أنه وبخهم على عدم عقلهم والعقل نوعان : عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف ، وعقل بمعنى التصرف وهو الذي يترتب عليه المدح أو الذم ، العقل عقلان : عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف وإن شئت فقل هو مناط التكليف والذي يقول فيه الفقهاء من شروط العبادة العقل ، عقل آخر بمعنى التصرف وهو الذي يترتب عليه المدح والذم ، أيهما المراد هنا ؟ المراد الثاني قطعاً ، لأنهم لو انتفى عنهم عقل الإدراك لم يكونوا مكلفين ولا يتوجه إليهم اللوم لكنهم انتفى عنه عقل التصرف فلم يحسنوا التصرف فصاروا عقلاء غير عقلاء ، عقلاء باعتبار الإدراك المترتب عليه التكليف ، غير عقلاء باعتبار التصرف المرتب عليه المدح أو الذم ، فهم في الحقيقة وإن أعطوا عقولاً أو بعبارة ثانية إن أعطوا ذكاءً لم يعطوا عقلاً وما أحسن عبارة شيخ الإسلام رحمه الله في المتكلمين حيث قال في وصفهم : " إنهم أوتوا ذكاءً وما أوتوا ذكاءً وأوتوا فهوماً ولم يؤتوا علوماً وأوتوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذا كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا يستهزءون " أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً نسأل الله العافية فكان ذكاؤهم حجة عليهم وأوتوا فهوماً عندهم فهم لكن ما عندهم علم والإنسان إذا تكلم بفهمه لا بعلمه ضل وضاع فلابد من علم تبني عليه عقيدته وعبادته ، المهم أن هؤلاء أوتوا عقولاً تقوم بهم عليهم الحجة ولكنهم حرموا من العقول التي يترتب عليها المدح والذم التي هي الرشد وحسن التصرف فما استعملوا عقولهم التي أنعم الله بها عليهم ما استعملوها فيما ينفعهم (( أفلم تكونوا تعقلون )) يقول رحمه الله : (( أفلم تكونوا تعقلون )) " عداوته وإضلاله أو ما حل بهم من العذاب فتؤمنون " يعني لو أنكم عقلتم عداوته وإضلاله أو عقلتم ما حل بالمتبعين له من العذاب والنكال لكنتم تخالفونه ولا تعبدونه ولآمنتم بالله وحده ولكن الهوى غطى الهدى كما قال عز وجل : (( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ ))[فصلت:17]