التعليق على تفسير الجلالين : (( لينذر )) بالياء والتاء به (( من كان حيا )) يعقل ما يخاطب به وهم المؤمنون (( ويحق القول )) بالعذاب (( على الكافرين )) وهم كالميتين لا يعقلون ما يخاطبون به . حفظ
قال عز وجل : (( لِيُنْذِرَ )) بالياء والتاء (( لينذر )) بالياء فالضمير يعود على إيش ؟ على القرآن (( لتنذر )) الضمير يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم لكن على قراءة التاء قدر المؤلف : " به " لتنذر به ولهذا قال : " بالياء والتاء به " كلمة به تعود على القراءة الثانية وهي (( تنذر )) أما القراءة الأولى فلا تحتاج إلى هذا التقدير ولاشك أن القرآن نفسه منذر وأن النبي صلى الله عليه وسلم منذر به فالقرآن فيه وعيد وفيه أوصاف لمن يستحق هذا الوعيد وهذا هو الإنذار كما أن فيه أيضاً بشارة وأوصافاً للمبشرين وهذا هو التبشير فالقرآن فيه بشارة وفيه إنذار والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن وأنذر به وخوف به ورغب به (( مَنْ كَانَ حَيًّا )) قال المؤلف : " يعقل ما يخاطب به وهم المؤمنون " (( من كان حياً )) هل المراد بالحياة هنا الحياة المعنوية التي هي حياة القلب أو الحياة الحسية التي هي حياة الجسم ؟ الظاهر أنه يشمل الأمرين ولهذا قال ابن كثير رحمه الله : (( من كان حياً )) " على وجه الأرض " يعني من كان حياً حياةً جسمية لأن رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة عامة لجميع الخلق فهو ينذر من كان حياً يعني ينذر كل حي أو من كان حياً حياة معنوية يعني حياة القلب حيث يراد به من يعقل ويتبصر ويؤمن وعكسه من ؟ عكسه الميت ميت الجسم وميت القلب أما ميت الجسم فلا يمكن إنذاره بالقرآن لأنه انتقل إلى دار الجزاء ولا يمكن أن يفهم ولا أن يعلم وأما ميت القلب فلأنه قد طبع على قلبه والعياذ بالله فلا يصل إليه النور ولا يصل إليه الحق
(( وَيَحِقَّ الْقَوْلُ )) العذاب (( عَلَى الْكَافِرِينَ )) وهم كالميتين لا يعقلون ما يخاطبون به هنا قال : (( لينذر من كان حياً )) فينتفع بالإنذار ويتعظ ويتجنب المحرمات ويأتي بالواجبات ، (( ويحق القول )) ماذا تتوقع أن يقال ؟ أتوقع أن يقال ويحق القول على من كان ميتاً أو على الأموات لأن هذا مقتضى المقابلة نعم لكن عدل عن هذا إلى ذكر الكافرين (( ويحق القول على الكافرين )) وفائدة العدول عن ذكر المقابل في لفظه أمران :
الأمر الأول : أن المراد بالميت الكافر وأن الكافر لا يمكن أن ينتفع بالقرآن .
والثاني : التسجيل على أن من لم ينتفع بالقرآن فهو كافر ومن انتفع به في شيء دون آخر ففيه خصلة من خصال الكفر ولهذا كل معصية فهي من خصال الكفر لكنها قد تكون قليلة وتكون كثيرة فلهذا عدل الله عز وجل عن هذا إلى قوله : (( ويحق القول على الكافرين )) دون قوله : ويحق القول على الميتين بل قال :
(( على الكافرين )) ومن هذا يعني من هذه الأمثلة وهو كثير في القرآن قوله سبحانه وتعالى : (( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ))[غافر:20]^لم يقل لا يقضون بالباطل بل قال : (( لا يقضون بشيء )) ليشمل الباطل وغير الباطل يعني ليس لهم قضاء إطلاقاً لأنهم مربوبون مملوكون فلا يقضون بشيء (( ويحق القول على الكافرين )) ثم قال عز وجل :