التعليق على تفسير الجلالين : (( أولم يروا )) يعلموا . والاستفهام للتقرير ، والواو الداخلة عليها للعطف (( أنا خلقنا لهم )) في جملة الناس (( مما عملت أيدينا )) أي عملناه بلا شريك ولا معين (( أنعاما )) هي الإبل والبقر والغنم (( فهم لها مالكون )) ؟ ضابطون . حفظ
يقول : (( يروا )) قال : " يعلموا " ففسر الرؤية هنا برؤية العلم وممكن أن يراد بها هنا رؤية البصر ورؤية البصر أقوى في التقرير من رؤية العلم لأن رؤية العلم قد ينكر الإنسان ويقول ما أعلم بهذا لكن رؤية البصر إذا كان الشيء أمامه يشوف الإبل مثلا لا يمكنه أن إيش ؟ أن ينكر والحقيقة أنها محتملة لهذا وهذا فباعتبار أن الله خلق هذه الأشياء لاشك أنها رؤية علم لأننا لم نشهد خلق هذه الأشياء كما قال تعالى : (( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ))[الكهف:51]^وباعتبار المخلوق رؤية بصر لأنها يشاهد ويعلم ولا يمكن إنكاره قال المؤلف : " والاستفهام للتقرير والواو الداخلة عليها للعطف " الواو الداخلة عليها الآن هل الواو داخلة ولا مدخولة ؟ يعني قولوا عن علم لا تكونوا مثل الصبي الذي إذا ذكرت له شيئين ، الصبي إذا ذكرت له الشيئين يأخذ الأخير دائماً لو تقلب عليه العبارة أخذ بالأخير الذي هو الأول في العبارة الأولى فالآن هل الواو مدخولة ولا داخلة ؟
الطالب : مدخولة ...داخلة
الشيخ : والواو الداخلة عليه للعقل ؟ الواو الداخلة عليها وإلا مدخولة ؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هو الداخل هل هو السابق ولا اللاحق ؟ ب
الطالب : اللاحق .
الشيخ : يا إخوان السابق لا شك ، الداخل على الشيء هو السابق فمثلاً إذا جاك الواو عندنا الهمزة والواو أن تقول : دخلت الهمزة على الواو ولا دخلت الواو على الهمزة ؟
الطالب : ...
الشيخ : المؤلف يقول هكذا لكن نقول : دخلت الهمزة على الواو إذا قلت سوف يقوم هل يقوم دخل على سوف ولا سوف دخلت على يقوم ؟ سوف دخلت على يقوم فالداخل هو الأول والمؤلف يقول : " والواو الداخلة عليها " يشير إلى القول الثاني في مثل هذا الترتيب وهو أن التقدير وألم يروا أنا خلقنا لهم ، وهذا أحد القولين كما هو معروف فهنا المؤلف رحمه الله جعل الواو داخلة على الهمزة والواقع أن الهمزة حسب الترتيب داخلة على الواو لكنه رحمه الله يرى أن في المسألة تقديماً وتأخيراً وأن الواو داخلة على الهمزة في الأصل وأصله وألم يروا
(( أنا خلقنا لهم )) في جملة الناس (( مما عملت أيدينا )) أي عملناه بلا شريك ولا معين (( أنعاماً )) هي الإبل والبقر والغنم (( أنا خلقنا لهم )) أيز أوجدنا لهم من العدم أنعاماً والله سبحانه وتعالى مختص بالخلق لا خالق إلا الله سبحانه وتعالى وإضافة الخلق إلى المخلوق يعني أن يكون للمخلوق خلق ليس على سبيل الإضافة بالنسبة إلى الله لأن خلق الله للأشياء خلق إيجاد من عدم ، خلق المخلوق للأشياء ليس خلق إيجاد ولكنه خلق تغيير من حال إلى حال أو وصف إلى وصف إذا نجرت الخشبة باباً فقد خلقتها باباً لكن هل أنت أوجدت هذه الخشبة ؟ الجواب لا لكن سيرتها إلى هيئة معينة وهذا نوع من الخلق ولهذا يقال للمصورين يوم القيامة : أحيوا إيش ؟ ما خلقتم مع أنهم لم يوجدوا الصورة من عدم لكن غيروا ونقلوا من حال إلى حال فالخلق الخاص بالله هو خلق الإيجاد أما الخلق الذي يكون من المخلوق فما هو إلا تغيير وتحويل فقط ، (( أنا خلقنا لهم )) اللام هنا للملك وإلا للاستحقاق ؟ نعم .
الطالب : ...
الشيخ : للاستحقاق ويصح أن تكون للملك كما سيأتي في الآية نفسها ، (( مما عملت من أيدينا أنعاماً )) أي مما عملنا من نعم وليس المعنى أن الله سبحانه وتعالى خلق هذه الأنعام بيده لو كان أراد ذلك سبحانه وتعالى وكان الواقع كذلك لقال : مما عملنا بأيدينا كما قال تعالى في آدم يخاطب إبليس : (( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ))[ص:75]^فهنا أضاف الخلق إلى نفسه وجعل المخلوق به اليد أما هنا فأضاف العمل إلى اليد (( ما عملت أيدينا )) فهو كقوله تعالى : (( بما كسبت أيديكم )) وما أشبهها مما يضاف فيه الفعل إلى اليد والمراد الإنسان كذلك هنا أضاف الله تعالى العمل إلى يديه والمراد إيش ؟ المراد نفسه أي مما عملنا نعم وهنا قال : (( مما عملت أيدينا )) بالجمع فهل الله عز وجل له أكثر من يد ؟ الجواب لا ، هل لله تعالى أكثر من يدين ؟ الجواب لا ليس لله أكثر من يدين ليس له إلا يدان اثنتان فلماذا جمع هنا ؟ جمع من أجل المناسبة لأن الأفصح في المثنى إذا أضيف إلى جمع الأفصح فيه الجمع ألم تر إلى قوله تعالى : (( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ))[التحريم:4]^مع أنه ليس للإنسان ليس للإنسان إلا قلب واحد فهنا لما أضافه إلى الضمير المفيد للجمع وهنا للتعظيم بلا شك ناسب الجمع وأيضاً فإن الجمع أبلغ للتعظيم فلهذا جمعت وأيضاً فإن هذه الأنعام لا يحصيها إلا الله عز وجل فهي جموع كثيرة كل واحدة منها تحتاج إلى فعل وإلا لا ؟ إلى فعل خاص لأن لكل واحدة خلق خاص فجمع أيضاً باعتبار المعمول الذي هو هذه الأنعام طيب على كل حال هذه الآية لا شك أنها تفيد إثبات اليد لله عز وجل ولكنها لا تفيد أن له أكثر من يدين بما علمتم من وجوه الجمع ، لا تفيد أن لله أكثر من يدين بما علمتم من وجه الجمع فإذا قال قائل ما هو الدليل على أنه ليس لله إلا يدان اثنتان ؟ قلنا الدليل أن الله تعالى تمدح بهما في مقام المدح والعطاء والرزق ولو كان له أكثر من ذلك لذكره لاقتضاء المقام إياه قال الله تعالى : (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ))[المائدة:64]^ولو كان له أكثر من ثنتين لقال : بل أيديه لأنه بلا شك ..كلما كثرت الأيدي كثر العطاء وهذا باعتبار المخلوق أما الخالق عز وجل فعطاؤه لا ينفذ ولا يعد وليس له إلا يداه اثنتان هذا ما عليه إلا أهل السنة والجماعة نعم .
الطالب : ...
الشيخ : كيف ؟