فائدة في ذكر قواعد في إثبات الأسماء والصفات الله تعالى . حفظ
ثم اعلم أن ما وصف الله به نفسه ينقسم إلى صفات لازمة وصفات غير لازمة وإلى ما نظيره أجزاء وأبعاض لنا ، فمثلاً السمع والعلم والقدرة والحياة هذه صفات لازمة ويسميها أهل العلم الصفات الذاتية ومثل الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا والخلق وما أشبه ذلك صفات غير لازمة الله لم يزل ولا يزال خالقاً لكن المخلوق يتجدد فكل خلق يتعلق بهذا المخلوق فإنه يكون حادثاً بعد أن لم يكن ولكن هذا حدوث نوع وليس حدوث جنس لأن الله لم يزل ولا يزال خالقاًَ لكن الاستواء على العرش هذا لا شك أنه حادث لأنه قبل العرش ليس مستوٍ عليه
طيب الذي نظيره أبعاض وأجزاء مثل اليد والوجه والقدم والعين هذا نظير بالنسبة لنا جزء من الذات أو بعض منها ولا يصح أن نقول أنه جزء من الله أو بعض من الله لأن الله عز وجل لا يتجزأ ولا يتبعض إذ أن الجزء ما جاز وجود أصله بعدمه هذا الجزء بالنسبة لله عز وجل لا يمكن أن يكون هكذا يعني لا يمكن أن تنفصل اليد مثلاً وحاش لله عز وجل أو الوجه وما أشبه ذلك بالنسبة للمخلوق يمكن أن تنفصل وإلا لا ؟ يمكن ولهذا يجب أن نقول : نظيره أجزاء وأبعاض لنا ولا نقول ما هو أجزاء وأبعاض لله لأن هذا منكر غاية الإنكار
طيب اليد نقول إنها حقيقة يد حقيقية ثابتة لله على وجه لائق به ولكن لا تماثل أيدي المخلوقين وهذا مذهب السلف وعليه جرى أئمة المسلمين لكن ابتلى قوم بالتحريف تحريف اليد وقالوا : إنها النعمة أو القوة بناء على أن عقولهم تحيل أن يتصف الله عز وجل باليد الحقيقية ولا شك أن هذا ضلال وجناية على النصوص أما كونه ضلالاً فلأنهم حكموا على الخالق بعقولهم القاصرة وهذا لاشك أنه ضلال كيف تحكم على الخالق بعقلك ، الخالق عز وجل يقول عن نفسه : (( بل يداه مبسوطتان )) ويقول : (( لما خلقت بيدي )) ويقول : (( مما عملت أيدينا )) وأن تقول : ليس له يد سبحان الله لولا التأويل لكان تكذيباً لولا تأويلهم لها وقالوا : نحن نثبت اليد لكن المراد كذا لكان هذا تكذيباً للنصوص ونحن نعلم أن المكذب للنصوص كافر نعم ، جناية على النصوص من وجهين : لأنه يقولون : إن الله لم يرد كذا وأراد كذا فنفوا ما أراد الله وأثبتوا مالم يرده فكان جناية على النصوص من الوجهين السلبي إيش بعد ؟ السلبي والإيجابي ، السلبي حيث نفوا ما أثبت الله والإيجابي أثبتوا ما لم يرده الله ، إذا قال الله عز وجل : (( لما خلقت بيدي )) فقال أراد باليدين النعمة أو القوة سبحان الله ما الذي أعلمك ؟ هو يقول : (( لما خلقت بيدي )) وأنت تقول : ليس له يد بل هي نعمة من الذي قال لك هذا ؟ فنفيك قول على الله بلا علم وإثباتك لما أثبت قول على الله بلا علم فكان جناية على النصوص من وجهين
والحقيقة أن الإنسان يعجب غاية العجب أن يسلك هذا المسلك أئمة مشهود لهم بالخير والصلاح ونفع الأمة ولكنه يعرف بذلك تمام حكمة الله عز وجل وأن الإنسان فهو ضعيف وقاصر وإلا سبحان الله ، الله يتحدث عن نفسه بحديث هو أصدق الحديث وأحسن الحديث وصادر من أعلم لما يقول ثم نقول : والله ما أراد هكذا ، طيب إذاً يجب أن نؤمن بأن الله له يد حقيقية وإلا مجازية ؟ حقيقية لائقة به لا تماثل أيدي المخلوقين بأي حال من الأحوال وهكذا يجب علينا أن نجري جميع آيات الصفات وأحاديثها
بقي علينا أن نقول : ما تقولون في تفسير بعض العلماء قوله تعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة ؟ الجواب أن نقول : هذا صحيح أيد هنا بمعنى قوة لأن أيد بمصدر آد يئيد أيداً ، ولا نجوز أن نقول هي كقوله : (( أيديناً )) هذا حرام علينا أن نقول هكذا كقوله : (( أيديناً )) لأن الله لم ينسبها إلى نفسه ما قال : والسماء بنيناها بأيدينا وإذا لم ينسب الله ذلك إلى نفسه حرم علينا أن ننسبه إلى الله فكان يتعين أن نفسر قوله : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة وأيد هنا مصدر آد يئيد كباع يبيع بيعاً وكال يكيل كيلاً هذا معناها وإذا لم يضف الله الشيء إلى نفسه حرم أن نضيفه إليه لأننا لو أضفنا إليه وهو لم يضف إليه لكنا نقول على الله بلا علم
ألم تر إلى قوله تعالى : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ))[القلم:42]^اختلف السلف في قوله : (( عن ساق )) هل المراد عن شدة أو المراد عن ساقه عز وجل ؟ ونحن إذا أخذنا القاعدة التي قررناها الآن بأن ما لم يضفه الله إلى نفسه يحرم علينا أن نضيفه إليه قلنا أن المراد بالساق هنا الشدة ولا بد ولا يمكن أن نفسره بساق الله لأن الله لم يضفه إلى نفسه ما قال : يوم نكشف عن ساقنا بل قال : (( يوم يكشف عن ساق )) ولكن إذا تأملت سياق الآية الكريمة وما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وجدت أن ذلك يقتضي أن يكون المراد به ساق الله لأن في حديث أبي سعيد الطويل المشهور ( أن الله يكشف عن ساقه فيسجد له كل من كان يسجد لله تعالى في الدنيا ويعجز عن السجود من لم يسجد لله في الدنيا ) فهنا (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ))[القلم42:43]^نجد أن سياق الآية يوافق سياق الحديث وحينئذ نقول : إن كلام الله يفسر بكلام الله ويفسر بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا دل سياق حديث أبي سعيد على ما دل عليه سياق الآية فإن الآية تفسر به وحينئذ يكون القول الراجح أن المراد بالساق الذي جاء على وجه النكرة المراد به ساق الله عز وجل ولكنه نكر للتعظيم لأن التنكير قد يراد به التعظيم طيب
طيب الذي نظيره أبعاض وأجزاء مثل اليد والوجه والقدم والعين هذا نظير بالنسبة لنا جزء من الذات أو بعض منها ولا يصح أن نقول أنه جزء من الله أو بعض من الله لأن الله عز وجل لا يتجزأ ولا يتبعض إذ أن الجزء ما جاز وجود أصله بعدمه هذا الجزء بالنسبة لله عز وجل لا يمكن أن يكون هكذا يعني لا يمكن أن تنفصل اليد مثلاً وحاش لله عز وجل أو الوجه وما أشبه ذلك بالنسبة للمخلوق يمكن أن تنفصل وإلا لا ؟ يمكن ولهذا يجب أن نقول : نظيره أجزاء وأبعاض لنا ولا نقول ما هو أجزاء وأبعاض لله لأن هذا منكر غاية الإنكار
طيب اليد نقول إنها حقيقة يد حقيقية ثابتة لله على وجه لائق به ولكن لا تماثل أيدي المخلوقين وهذا مذهب السلف وعليه جرى أئمة المسلمين لكن ابتلى قوم بالتحريف تحريف اليد وقالوا : إنها النعمة أو القوة بناء على أن عقولهم تحيل أن يتصف الله عز وجل باليد الحقيقية ولا شك أن هذا ضلال وجناية على النصوص أما كونه ضلالاً فلأنهم حكموا على الخالق بعقولهم القاصرة وهذا لاشك أنه ضلال كيف تحكم على الخالق بعقلك ، الخالق عز وجل يقول عن نفسه : (( بل يداه مبسوطتان )) ويقول : (( لما خلقت بيدي )) ويقول : (( مما عملت أيدينا )) وأن تقول : ليس له يد سبحان الله لولا التأويل لكان تكذيباً لولا تأويلهم لها وقالوا : نحن نثبت اليد لكن المراد كذا لكان هذا تكذيباً للنصوص ونحن نعلم أن المكذب للنصوص كافر نعم ، جناية على النصوص من وجهين : لأنه يقولون : إن الله لم يرد كذا وأراد كذا فنفوا ما أراد الله وأثبتوا مالم يرده فكان جناية على النصوص من الوجهين السلبي إيش بعد ؟ السلبي والإيجابي ، السلبي حيث نفوا ما أثبت الله والإيجابي أثبتوا ما لم يرده الله ، إذا قال الله عز وجل : (( لما خلقت بيدي )) فقال أراد باليدين النعمة أو القوة سبحان الله ما الذي أعلمك ؟ هو يقول : (( لما خلقت بيدي )) وأنت تقول : ليس له يد بل هي نعمة من الذي قال لك هذا ؟ فنفيك قول على الله بلا علم وإثباتك لما أثبت قول على الله بلا علم فكان جناية على النصوص من وجهين
والحقيقة أن الإنسان يعجب غاية العجب أن يسلك هذا المسلك أئمة مشهود لهم بالخير والصلاح ونفع الأمة ولكنه يعرف بذلك تمام حكمة الله عز وجل وأن الإنسان فهو ضعيف وقاصر وإلا سبحان الله ، الله يتحدث عن نفسه بحديث هو أصدق الحديث وأحسن الحديث وصادر من أعلم لما يقول ثم نقول : والله ما أراد هكذا ، طيب إذاً يجب أن نؤمن بأن الله له يد حقيقية وإلا مجازية ؟ حقيقية لائقة به لا تماثل أيدي المخلوقين بأي حال من الأحوال وهكذا يجب علينا أن نجري جميع آيات الصفات وأحاديثها
بقي علينا أن نقول : ما تقولون في تفسير بعض العلماء قوله تعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة ؟ الجواب أن نقول : هذا صحيح أيد هنا بمعنى قوة لأن أيد بمصدر آد يئيد أيداً ، ولا نجوز أن نقول هي كقوله : (( أيديناً )) هذا حرام علينا أن نقول هكذا كقوله : (( أيديناً )) لأن الله لم ينسبها إلى نفسه ما قال : والسماء بنيناها بأيدينا وإذا لم ينسب الله ذلك إلى نفسه حرم علينا أن ننسبه إلى الله فكان يتعين أن نفسر قوله : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة وأيد هنا مصدر آد يئيد كباع يبيع بيعاً وكال يكيل كيلاً هذا معناها وإذا لم يضف الله الشيء إلى نفسه حرم أن نضيفه إليه لأننا لو أضفنا إليه وهو لم يضف إليه لكنا نقول على الله بلا علم
ألم تر إلى قوله تعالى : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ))[القلم:42]^اختلف السلف في قوله : (( عن ساق )) هل المراد عن شدة أو المراد عن ساقه عز وجل ؟ ونحن إذا أخذنا القاعدة التي قررناها الآن بأن ما لم يضفه الله إلى نفسه يحرم علينا أن نضيفه إليه قلنا أن المراد بالساق هنا الشدة ولا بد ولا يمكن أن نفسره بساق الله لأن الله لم يضفه إلى نفسه ما قال : يوم نكشف عن ساقنا بل قال : (( يوم يكشف عن ساق )) ولكن إذا تأملت سياق الآية الكريمة وما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وجدت أن ذلك يقتضي أن يكون المراد به ساق الله لأن في حديث أبي سعيد الطويل المشهور ( أن الله يكشف عن ساقه فيسجد له كل من كان يسجد لله تعالى في الدنيا ويعجز عن السجود من لم يسجد لله في الدنيا ) فهنا (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ))[القلم42:43]^نجد أن سياق الآية يوافق سياق الحديث وحينئذ نقول : إن كلام الله يفسر بكلام الله ويفسر بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا دل سياق حديث أبي سعيد على ما دل عليه سياق الآية فإن الآية تفسر به وحينئذ يكون القول الراجح أن المراد بالساق الذي جاء على وجه النكرة المراد به ساق الله عز وجل ولكنه نكر للتعظيم لأن التنكير قد يراد به التعظيم طيب