تتمة فوائد قول الله تعالى : (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون )) . حفظ
ومن فوائد الآية الكريمة : (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا )) من فوائدها : إثبات اليد لله عز وجل لقوله : (( أيدينا )) وقد سبق الكلام عليها مستوفاًَ في الدرس الماضي .
ومن فوائد الآية الكريمة : أننا نملك هذه الأنعام ملكاً شرعياً وملكاً حسياً قدرياً أما الشرعي فإننا نملك أعيانها ومنافعها بالبيع والشراء والتأجير وغير ذلك وأما الكوني الحسي فلأننا نملك زمامها وربطها وهي مسخرة لنا نقيمها ونريحها ونذهب بها ونرجع بها وهذا من تمام نعمة الله سبحانه وتعالى علينا بهذا الملك .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه أتى بقوله : (( فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ )) الجملة الاسمية التي تفيد الثبوت والاستمرار أي ملك مستقر تام .
ثم قال عز وجل : (( وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ )) من فوائدها : بيان نعمة الله سبحانه وتعالى علينا بتذليل هذه الأنعام ولو استعصت علينا ما تمكنا من الانتفاع بها ولهذا لما ند بعير من الإبل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أدركه رجل بسهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فمن ند منها فاصنعوا به هكذا ) فهذه البعير تمردت على أهلها ولم يدركوها إلا بالسهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان أن أفعال المخلوقات مخلوقة لله لقوله : (( وذللناها لهم )) لكنها مفعولة للفاعل مباشرة فهي تنسب إلى الله عز وجل تقديراً وخلقاً وتكسب إلى الفاعل كسباً وعملاً فهذه الإبل المذللة الذي ذللها هو الله إذاً أفعالها صادرة بخلق الله عز وجل وهذا هو المذهب الصحيح في هذه المسألة أي مسألة أفعال العباد هل هي مخلوقة لله أو هي للعباد استقلالاً ؟ والمسألة فيها ثلاثة أقوال ، بل ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : مذهب الجبرية الذين يقولون : إن خلق الله عز وجل شامل لكل حركة في السماوات والأرض وإن الإنسان مجبور على عمله ليس له فيه اختيار بل الحركة الإرادية الاختيارية كالحركة الإجبارية التي ليس له فيها إرادة يقولون : إن أفعال الإنسان كحركة السعفة بالريح ليس باختياره
فإذا قيل لهم إن هذا يلزم منه الفوضى بحيث يفعل كل إنسان ما شاء ويقول هذا غير اختياري وأنا مجبور عليه ويلزم منه أيضاً أن الله إذا عذب الإنسان على معصية كان ظالماً له ويلزم عليه أن مدح الطائعين لغو لا فائدة منه لأنه لا يمدح الإنسان على عمل يجبر عليه بدون اختياره ويترتب عليه أيضاً أن ذم العاصين ظلم لأنه ذم لمن لا يختار هذا الفعل
وكما أنه يترتب عليه هذه اللوازم الباطلة فهو أيضاً مخالف للواقع فإن الإنسان يجد الفرق بين فعله الاختياري وبين فعله الاضطراري يجد الفرق بين أن ينزل من السلم درجة ، درجة وبطمأنينة واختيار وبين أن يأتي شخص يدفعه دفعاً حتى لا يتمكن من الوقوف فالأمر واضح من الناحية الواقعية العقلية أن هذا القول باطل من أبطل الأقوال لكن الذي غر أصحابه أن الله عز وجل ذكر أنه خلق كل شيء وأنه قدر كل شيء وأنه لا يكون في ملكه ما لا يريد إلى غير ذلك من الأشياء التي يتعللون بها لكنه في الحقيقة نظروا إليها وغفلوا عن النصوص الأخرى الدالة على أن الإنسان فاعل باختياره
ولهذا قابلهم قوم نظروا إلى النصوص الدالة على أن الإنسان فاعل باختياره وإلى الواقع فأنكروا أن يكون لله إرادة أو خلق في أفعال العباد ، وقالوا : إن العبد مستقل بعمله يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء وليس لله سبحانه وتعالى تعلق بفعل العبد هؤلاء أقرب إلى المعقول من أولئك القوم لأن الإنسان لا شك يجد أنه فاعل بلا اختيار فهو يدخل بيته ويخرج من بيته ويأتي للمسجد ويخرج من المسجد ويختار هذا الفعل على هذه الفعل على وجه اختياري لا يشعر أبداً بأن أحداً يجبر على ذلك ولكن ضل هؤلاء بسلبهم إرادة الله عز وجل وخلقه عن أفعال الخلق واعتقادهم أن الإنسان مستقل بما يحدثه ولهذا سموا مجوس هذه الأمة لمشابهتهم للمجوس في إثبات فاعلين للحوادث وهم يقولون : بإثبات فاعلين للحوادث ، الذي من فعل الله هذه من فعل الله ، والذي من فعل الإنسان هذه من فعل الإنسان مستقلاً بها ولهذا سموا مجوس هذه الأمة وهؤلاء لا شك أنهم ضالون لأنهم أخرجوا شيئاً في ملك الله عن ملك الله
أهل السنة والجماعة توسطوا بين القولين وأخذوا بالدليلين وقالوا : إن الإنسان لا شك يفعل باختياره ويدع باختياره وإن له إرادة تامة بقدرة والذي خلق هذه الإرادة والقدرة هو الله عز وجل لو شاء الله سبحانه وتعالى لسلبه الإرادة ولو شاء لسلبه القدرة ولذلك إذا سلب الله العبد الإرادة لم يترتب على فعله حكم فالمجنون مثلاً هل يؤاخذ بأفعاله ؟ لا لأنه ...والعاجز لا يكلف (( فاتقوا الله ما استطعتم )) إذاً فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإرادة والقدرة في الإنسان ، قالوا : والإرادة والقدرة هما السبب في وجود الفعل صح ، فلولا الإرادة ما فعلت ولولا القدرة ما فعلت فالإرادة والقدرة هما سبب وجود الفعل وإذا كانا مخلوقين لله فإن خالق السبب خالق للمسبب فيضاف فعل العبد إلى الله من هذه الناحية أي أن الله هو الذي أوجد فيه سبب الفعل فصار بذلك فاعل كما أن الإحراق مثلاً بالنار ينسب إلى من والذي أودع فيها هذه القوة هو الله عز وجل فلذلك صار إحراق النار بفعل النار مباشرة لكنه بتقدير الله سبحانه وتعالى خلقاً
وهذا الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة وهو المطابق للمنقول والمعقول والواقع لأنه يجمع بين الأدلة الشرعية ويصدق الأدلة الحسية فالأدلة الشرعية إذا جمعتها من أطرافها وجدت أنها تنصب في أنبوب واحد هو الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة ولولا هذا الاعتقاد لشلت الحركة ولصار الإنسان اتكالياً لا يقول ولا يفعل ولولا هذا الاعتقاد لم يلجأ الإنسان إلى ربه عز وجل لمهماته وملماته فهو باعتبار أنه مريد فاعل يتحرك ويعمل وباعتبار أنه مخلوق مدبر يرجع إلى من ؟ إلى الله عز وجل فلا يكون اتكالياً ولا يكون أنانياً يعني أنه لن يستغني بنفسه عن ربه ولن يكون اتكالياً يقول : إن قدر لي شيء صار بل هو يعمل مستعيناً بالله معتمداً عليه
ومن فوائد الآية الكريمة : أننا نملك هذه الأنعام ملكاً شرعياً وملكاً حسياً قدرياً أما الشرعي فإننا نملك أعيانها ومنافعها بالبيع والشراء والتأجير وغير ذلك وأما الكوني الحسي فلأننا نملك زمامها وربطها وهي مسخرة لنا نقيمها ونريحها ونذهب بها ونرجع بها وهذا من تمام نعمة الله سبحانه وتعالى علينا بهذا الملك .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه أتى بقوله : (( فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ )) الجملة الاسمية التي تفيد الثبوت والاستمرار أي ملك مستقر تام .
ثم قال عز وجل : (( وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ )) من فوائدها : بيان نعمة الله سبحانه وتعالى علينا بتذليل هذه الأنعام ولو استعصت علينا ما تمكنا من الانتفاع بها ولهذا لما ند بعير من الإبل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أدركه رجل بسهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فمن ند منها فاصنعوا به هكذا ) فهذه البعير تمردت على أهلها ولم يدركوها إلا بالسهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان أن أفعال المخلوقات مخلوقة لله لقوله : (( وذللناها لهم )) لكنها مفعولة للفاعل مباشرة فهي تنسب إلى الله عز وجل تقديراً وخلقاً وتكسب إلى الفاعل كسباً وعملاً فهذه الإبل المذللة الذي ذللها هو الله إذاً أفعالها صادرة بخلق الله عز وجل وهذا هو المذهب الصحيح في هذه المسألة أي مسألة أفعال العباد هل هي مخلوقة لله أو هي للعباد استقلالاً ؟ والمسألة فيها ثلاثة أقوال ، بل ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : مذهب الجبرية الذين يقولون : إن خلق الله عز وجل شامل لكل حركة في السماوات والأرض وإن الإنسان مجبور على عمله ليس له فيه اختيار بل الحركة الإرادية الاختيارية كالحركة الإجبارية التي ليس له فيها إرادة يقولون : إن أفعال الإنسان كحركة السعفة بالريح ليس باختياره
فإذا قيل لهم إن هذا يلزم منه الفوضى بحيث يفعل كل إنسان ما شاء ويقول هذا غير اختياري وأنا مجبور عليه ويلزم منه أيضاً أن الله إذا عذب الإنسان على معصية كان ظالماً له ويلزم عليه أن مدح الطائعين لغو لا فائدة منه لأنه لا يمدح الإنسان على عمل يجبر عليه بدون اختياره ويترتب عليه أيضاً أن ذم العاصين ظلم لأنه ذم لمن لا يختار هذا الفعل
وكما أنه يترتب عليه هذه اللوازم الباطلة فهو أيضاً مخالف للواقع فإن الإنسان يجد الفرق بين فعله الاختياري وبين فعله الاضطراري يجد الفرق بين أن ينزل من السلم درجة ، درجة وبطمأنينة واختيار وبين أن يأتي شخص يدفعه دفعاً حتى لا يتمكن من الوقوف فالأمر واضح من الناحية الواقعية العقلية أن هذا القول باطل من أبطل الأقوال لكن الذي غر أصحابه أن الله عز وجل ذكر أنه خلق كل شيء وأنه قدر كل شيء وأنه لا يكون في ملكه ما لا يريد إلى غير ذلك من الأشياء التي يتعللون بها لكنه في الحقيقة نظروا إليها وغفلوا عن النصوص الأخرى الدالة على أن الإنسان فاعل باختياره
ولهذا قابلهم قوم نظروا إلى النصوص الدالة على أن الإنسان فاعل باختياره وإلى الواقع فأنكروا أن يكون لله إرادة أو خلق في أفعال العباد ، وقالوا : إن العبد مستقل بعمله يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء وليس لله سبحانه وتعالى تعلق بفعل العبد هؤلاء أقرب إلى المعقول من أولئك القوم لأن الإنسان لا شك يجد أنه فاعل بلا اختيار فهو يدخل بيته ويخرج من بيته ويأتي للمسجد ويخرج من المسجد ويختار هذا الفعل على هذه الفعل على وجه اختياري لا يشعر أبداً بأن أحداً يجبر على ذلك ولكن ضل هؤلاء بسلبهم إرادة الله عز وجل وخلقه عن أفعال الخلق واعتقادهم أن الإنسان مستقل بما يحدثه ولهذا سموا مجوس هذه الأمة لمشابهتهم للمجوس في إثبات فاعلين للحوادث وهم يقولون : بإثبات فاعلين للحوادث ، الذي من فعل الله هذه من فعل الله ، والذي من فعل الإنسان هذه من فعل الإنسان مستقلاً بها ولهذا سموا مجوس هذه الأمة وهؤلاء لا شك أنهم ضالون لأنهم أخرجوا شيئاً في ملك الله عن ملك الله
أهل السنة والجماعة توسطوا بين القولين وأخذوا بالدليلين وقالوا : إن الإنسان لا شك يفعل باختياره ويدع باختياره وإن له إرادة تامة بقدرة والذي خلق هذه الإرادة والقدرة هو الله عز وجل لو شاء الله سبحانه وتعالى لسلبه الإرادة ولو شاء لسلبه القدرة ولذلك إذا سلب الله العبد الإرادة لم يترتب على فعله حكم فالمجنون مثلاً هل يؤاخذ بأفعاله ؟ لا لأنه ...والعاجز لا يكلف (( فاتقوا الله ما استطعتم )) إذاً فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإرادة والقدرة في الإنسان ، قالوا : والإرادة والقدرة هما السبب في وجود الفعل صح ، فلولا الإرادة ما فعلت ولولا القدرة ما فعلت فالإرادة والقدرة هما سبب وجود الفعل وإذا كانا مخلوقين لله فإن خالق السبب خالق للمسبب فيضاف فعل العبد إلى الله من هذه الناحية أي أن الله هو الذي أوجد فيه سبب الفعل فصار بذلك فاعل كما أن الإحراق مثلاً بالنار ينسب إلى من والذي أودع فيها هذه القوة هو الله عز وجل فلذلك صار إحراق النار بفعل النار مباشرة لكنه بتقدير الله سبحانه وتعالى خلقاً
وهذا الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة وهو المطابق للمنقول والمعقول والواقع لأنه يجمع بين الأدلة الشرعية ويصدق الأدلة الحسية فالأدلة الشرعية إذا جمعتها من أطرافها وجدت أنها تنصب في أنبوب واحد هو الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة ولولا هذا الاعتقاد لشلت الحركة ولصار الإنسان اتكالياً لا يقول ولا يفعل ولولا هذا الاعتقاد لم يلجأ الإنسان إلى ربه عز وجل لمهماته وملماته فهو باعتبار أنه مريد فاعل يتحرك ويعمل وباعتبار أنه مخلوق مدبر يرجع إلى من ؟ إلى الله عز وجل فلا يكون اتكالياً ولا يكون أنانياً يعني أنه لن يستغني بنفسه عن ربه ولن يكون اتكالياً يقول : إن قدر لي شيء صار بل هو يعمل مستعيناً بالله معتمداً عليه