فوائد قول الله تعالى : (( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين )) . حفظ
من فوائد الآية الكريمة : بيان أن الإنسان خلق من ضعف لقوله : (( أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ )) وهو كذلك .
ومن فوائدها أيضاً : أن هذا الإنسان الذي خلق من هذه المادة الضعيفة يترقى حتى يكون ذا خصومة مبينة لقوله : (( فإذا هو خصيم مبين )) .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : النداء على الإنسان بالظلم وجه ذلك كيف يكون هذا الذي خلق من هذه النطفة يبلغ به الحد إلى أن يكون خصيماً لله عز وجل بين الخصومة لأن الإنسان يجب عليه إذا نظر إلى أصله أن يعرف قدر نفسه لا أن يكون مخاصماً لربه عز وجل .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الخصومة بالباطل مذمومة ووجه ذلك أن الآية سيقت مساق الذم لما مساق ... أما الخصومة هي إثبات الحق وإبطال الباطل فإنها ممدوحة لقول الله تعالى : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[النحل:125] ولولا الجدال مع أهل الباطل ما تبين الحق ولا اندحض الباطل فلابد للإنسان من الجدال في إثبات الحق وإبطال الباطل أما إذا كان الأمر بالعكس فإنه مذموم فمن هنا يمكن أن نقسم الجدال إلى ثلاثة أقسام :
جدال محمود مأمور به إما وجوباً أو استحباباً ، وجدال مذموم منهي عنه ، وجدال بين ، بين
أما الجدال الممدوح فهو الذي يقصد به إثبات الحق وإبطال الباطل فهذا مأمور به وهو كالجهاد في سبيل الله كما أن المجاهد مأمور بأن يحمل السلاح ضد عدوه ويقاتله فطالب العلم مأمور بأن يحمل السلاح سلاح العلم وهو المجادلة بالحق ليدحض به الباطل .
الثاني : إيش ؟ بالعكس وهذا مذموم منهي عنه قال الله تعالى : (( وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ))[الشورى:16] .
الثالث : بين ، بين يعني لا يؤمر به ولا ينهى عنه لكن لاشك أن تركه أولى وهو الجدال في أمور لا تمس إلى الحق أو الباطل بصلة كما يحصل في كثير من المجالس من المجادلات فهذا لاشك أنه لا خير فيه وأنه من المراء الذي ينبغي للإنسان تجنبه ثم إن أفضى إلى مفسدة كان منهياً عنه إن أفضى إلى مفسدة ، وإن أفضى إلى مصلحة كان مأموراً به ، كيف يفضي إلى مفسدة ؟ يكون مع الجدال والمراء والمحاورة عداوة بين المتجادلين أو تعصب لأحدهما من الحاضرين ويحصل في ذلك تحزبا منفعة مثل أن يكون المجادل مغروراً بنفسه ويرى أنه لا يغلبه أحد فتجادله من أجل أن تكسر حدة هذا الغرور وإن كان لا يترتب على هذا شيء من الفائدة في حد ذاته لكن فيه فائدة لغيره وهي كسر غرور هذا الشخص حتى لا يبقى زاهياً بنفسه مترفعاً على غيره طيب .