التعليق على تفسير الجلالين : (( لا يسمعون )) أي الشياطين وسماعهم مستأنف ، في المعنى المحفوظ عنه (( إلى الملإ الأعلى )) الملائكة في السماء ، وعدي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء . وفي قراءة بتشديد الميم والسين : أصله يتسمعون ، وأدغمت التاء في السين (( ويقذفون )) أي الشياطين بالشهب (( من كل جانب )) من آفاق السماء . حفظ
وقوله (( لا يسمعون ))" أي الشياطين مستأنف وسماعهم هو في المعنى المحفوظ عنه " لا يسمعون الجملة كما قال المؤلف استئنافية يعني أن الشياطين المردة لا يسمعون إلى الملأ الأعلى وهي في المعنى هذه الجملة المستأنفة هي في المعنى المحفوظ عنه في قوله (( وحفظناها من كل شيطان مارد ) عن ايش سماعهم إلى الملأ الأعلى يعني أن السماء حفظت عن الشياطين ألا يسمعوا إلى الملأ الأعلى قال (( إلى الملأ الأعلى )) " الملائكة في السماء وعدي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء " الملأ في الأصل الجماعة ويطلق في الغالب على الأشراف كما يمر علنيا كثيرا في المكذبين للرسل أن الله يقول (( قال الملأ )) فالغالب أن الملأ هم الجماعة الأشراف والأعيان في قومهم ولا ريب أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام أنهم أشراف لأنهم عباد مسخرون لعبادة الله لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فهم من أقوم عباد الله بطاعة الله وسيأتينا إن شاء الله في الفوائد هل هم أفضل من البشر أو البشر أفضل منهم وهنا يقول (( الأعلى )) الأعلى وصفا أو الأعلى مكانا ؟ لاشك أنهما الأعلى مكانا لأن السماء أعلى من الأرض ويمكن أن يراد به أيضا الأعلى وصفا فيجمع بين الأمرين كما أن الله سبحانه وتعالى إذا وصف بالأعلى فهو الأعلى مكانا والأعلى وصفا " قال وعدي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء " هذا جواب عن سؤال مقدر وهو أن سمع في اللغة العربية تتعدى بنفسها كما قال الله تعالى (( قد سمع الله قول التي تجادلك )) وهنا قال لا يسمعون إلى الملأ ولم يقل لا يسمعون الملأ أجاب المؤلف عنه بأن الفعل ضمن معنى الإصغاء والتضمين معناه أن يكون الفعل متضمنا لمعنى يناسب المفعول أو المعمول سواء كان مفعولا به أو مجرورا وهل التجوز إذا جاء مثل هذا التعبير هل يكون التجوز بالفعل أي أنه ضمن معنى يناسب المعمول الذي تعدى إليه الفعل أم أن التجوز في الحرف؟ ذكر أهل النحو في ذلك قولين:
القول الأول وهو للكوفيين أن التجوز في الحرف
والقول الثاني أن الفعل مضمن معنى يناسب الحرف المتعدى إليه وأبين مثال لذلك قوله تعالى (( عينا يشرب بها عباد الله )) لو أننا أخذنا بظاهر اللفظ لكان المعنى أن هذه العين يشرب بها ومعلوم أن العين لا يمكن أن يشرب بها لأنه لا يشرب إلا بالإناء من العين فالعين لا يشرب بها وإنما يشرب منها فهل نقول إن الباء هنا بمعنى من فيكون تجوز بالحرف أو نقول إن يشرب مضمن معنى يروى عينا يشرب بها أي يروى بها عباد الله بعد شربهم منها ذكرنا في هذا قولين لأهل العلم ولا ريب أن جعل التضمين في الفعل أولى من جعله في المعمول لأنك إذا جعلت التضمين في الفعل استفدت فائدتين:
الفائدة الأولى ما دل عليه لفظ الفعل
والثانية ما دل عليه معنى الفعل المضمن إياه
أما إذا جعلت التجوز في الحرف فإنك لا تستفيد إلا معنى واحدا وهو نزع الحرف وإحلال حرف آخر مكانه ولم نستفد شيئا ويبقى الفعل على ما هو عليه بمقتضى دلالة اللفظ فالحاصل أن القول بأن الفعل يضمن معنى يناسب الحرف أو يناسب المعمول أولى من القول بأن المعمول هو الذي فيه التجوز هنا (( لا يسمعون إلى الملأ )) نقول هنا الفعل متضمن معنى الإصغاء يعني لا يصغون إليهم مستمعين وفي قراءة بتشديد الميم والسين يعني لا يسمعون وأصله يتسمعون أدغمت التاء في السين فصارت يسمعون والقراءة هذه سبعية أوشاذة ؟ سبعية لأنه في اصطلاح المؤلف أنه إذا قال في قراءة فهي سبعية وإذا قال قريء فهي شاذة كذا أحمد ؟نعم
طيب لا يسمعون قال ويقذفون أي الشياطين بالشهب من كل جانب من آفاق السماء (( دحورا )) مصدر دحره أي طرده وأبعده وهو مفعول له (( ولهم في الآخرة عذاب واصب )) دائم ويقذفون الضمير يعود على الشياطين
فإذا قال قائل إنه لم يتقدم ذكر الشياطين فالجواب بلى تقدم في قوله (( من كل شيطان )) لأن كل شيطان عام فيكون دالا على الجمع وإلا لا؟ فيكون دالا على الجمع إذن يقذفون أي الشياطين المعلوم جمعهم من قوله (( كل شيطان )) ويقذفون من كل جانب من الذي يقذفهم ؟ يقذفهم الله عز وجل بأمره يأمر هذه الشهب فتقذفهم والقذف هو الرمي بشدة من كل جانب من الجوانب التي تصيبه من آفاق السماء كما قال المؤلف
القول الأول وهو للكوفيين أن التجوز في الحرف
والقول الثاني أن الفعل مضمن معنى يناسب الحرف المتعدى إليه وأبين مثال لذلك قوله تعالى (( عينا يشرب بها عباد الله )) لو أننا أخذنا بظاهر اللفظ لكان المعنى أن هذه العين يشرب بها ومعلوم أن العين لا يمكن أن يشرب بها لأنه لا يشرب إلا بالإناء من العين فالعين لا يشرب بها وإنما يشرب منها فهل نقول إن الباء هنا بمعنى من فيكون تجوز بالحرف أو نقول إن يشرب مضمن معنى يروى عينا يشرب بها أي يروى بها عباد الله بعد شربهم منها ذكرنا في هذا قولين لأهل العلم ولا ريب أن جعل التضمين في الفعل أولى من جعله في المعمول لأنك إذا جعلت التضمين في الفعل استفدت فائدتين:
الفائدة الأولى ما دل عليه لفظ الفعل
والثانية ما دل عليه معنى الفعل المضمن إياه
أما إذا جعلت التجوز في الحرف فإنك لا تستفيد إلا معنى واحدا وهو نزع الحرف وإحلال حرف آخر مكانه ولم نستفد شيئا ويبقى الفعل على ما هو عليه بمقتضى دلالة اللفظ فالحاصل أن القول بأن الفعل يضمن معنى يناسب الحرف أو يناسب المعمول أولى من القول بأن المعمول هو الذي فيه التجوز هنا (( لا يسمعون إلى الملأ )) نقول هنا الفعل متضمن معنى الإصغاء يعني لا يصغون إليهم مستمعين وفي قراءة بتشديد الميم والسين يعني لا يسمعون وأصله يتسمعون أدغمت التاء في السين فصارت يسمعون والقراءة هذه سبعية أوشاذة ؟ سبعية لأنه في اصطلاح المؤلف أنه إذا قال في قراءة فهي سبعية وإذا قال قريء فهي شاذة كذا أحمد ؟نعم
طيب لا يسمعون قال ويقذفون أي الشياطين بالشهب من كل جانب من آفاق السماء (( دحورا )) مصدر دحره أي طرده وأبعده وهو مفعول له (( ولهم في الآخرة عذاب واصب )) دائم ويقذفون الضمير يعود على الشياطين
فإذا قال قائل إنه لم يتقدم ذكر الشياطين فالجواب بلى تقدم في قوله (( من كل شيطان )) لأن كل شيطان عام فيكون دالا على الجمع وإلا لا؟ فيكون دالا على الجمع إذن يقذفون أي الشياطين المعلوم جمعهم من قوله (( كل شيطان )) ويقذفون من كل جانب من الذي يقذفهم ؟ يقذفهم الله عز وجل بأمره يأمر هذه الشهب فتقذفهم والقذف هو الرمي بشدة من كل جانب من الجوانب التي تصيبه من آفاق السماء كما قال المؤلف