التعليق على تفسير الجلالين : (( فإنما هي )) ضميره مبهم يفسره (( زجرة )) أي صيحة (( واحدة فإذا هم )) أي الخلائق أحياء (( ينظرون )) ما يفعل بهم . حفظ
ولهذا قال المؤلف ضمير مبهم يفسره زجره فيقول هي ضمير مرجعة مستفاد من الخبر أي فإنما الزجرة لبعثهم زجرة واحدة طيب وهذا الذي قدره المؤلف لمرجع الضمير هو الصواب فيكون مرجع الضمير الآن هو الخبر وقال بعضهم فإنما هي أي البعثة التي يبعثونها أي ما بعثتهم إلا زجرة واحدة أي بزجرة واحدة ولكن ما قدره المؤلف أولى فإنما هي زجرة واحدة قال المؤلف أي صيحة يزجرون بها فيقال اخرجوا يعني من القبور إذا قلت اخرجوا من القبور خرجوا خروج رجل واحد لا يتخلف منهم أحد وهل يخرجون ببطء الجواب لا لقوله تعالى (( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )) المسألة لا تحتاج إلى تكرار طلب وخروج ولا إلى مهلة في زمان بل بمجرد ما يقال اخرجوا فإذا هم قيام ينظرون وهذا من تمام قدرة الرب عز وجل
(( فإنما هي زجرة واحدة )) أي صيحة واحدة يزجرون بها (( فإذا هم )) أي الخلائق أحياء (( ينظرون )) ما يفعل بهم الفاء حرف عطف وإذا فجائية أي ففي الحال مفاجأة هم ينظرون وإذا الفجائية اختلف النحويون فيها هل هي حرف فلا محلها من الإعراب أم هي ظرف ونحن لا يهمنا أن قدرها حرفا أو ظرفا المهم أن نعرف المعنى وهي أنها تدل على المفاجأة يعني يأتي بسرعة وقوله (( فإذا هم ينظرون )) يدل على أنهم بمجرد ما يخرجون يكونون أحياء يشعرون وليسوا كالطفل الذي يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئا فالناس في الدنيا يخرجون من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا ولكن بعد إذن يجعل الله لهم سمعا وأبصارا وأفئدة سمعا يسمعون به ويعرفون وإلا فالسمع موجود منذ خلق وبصرهم كذلك يبصرون به ويعرفون
ولهذا تجد الصبي أول ما يولد لا يلتفت إلى شيء تمر من عنده باللمبة من أسطع ما يكون من اللمبات ولا يدري ما هي ثم شيئا فشيئا يبدأ يعرف الألوان إذا اختلفت عليه ويتابع النظر ولكن الذين يبعثون من القبور لا ينتظر بهم هكذا أي لا تنموا أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم شيئا فشيئا ولكن بمجرد ما يخرجون فإذا هم ينظرون قال المؤلف فإذا هم أي الخلائق أحياء ينظرون ما يفعل بهم فإذا قال قائل المؤلف قل أو الخلائق مع أن سياق الآيات يقتضي أن المراد بذلك هؤلاء المنكرون (( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون )) فإذا أخذنا بالسياق قلنا إن الضمير يرجع إلى هؤلاء وآبائهم وإذا نظرنا إلى الواقع قلنا إن الضمير يرجع إلى جميع الخلائق والواقع أن جميع الخلائق تخرج بهذه الصيحة (( فإذا هم ينظرون )) وأفادنا المؤلف بقوله ما يفعل بهم أفادنا أن النظر هنا نظر العين وليس بمعنى الانتظار مع أن الآية تحتمل أن يكون المعنى النظر بالعين أو أن يكون المعنى النظر بالعين وأن يكون المعنى الانتظار والنظر يأتي بمعنى الانتظار كما في قوله تعالى (( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة )) ينظرون بمعنى ينتظرون