تفسير قول الله تعالى : (( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * إلا عباد الله المخلصين )) . حفظ
(( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين )) انظر الخطاب هنا موجه لواحد مذكر فمن هو ؟ أهو الرسول عليه الصلاة والسلام أمن يصح أن يوجه إليه الخطاب ؟ الثاني أعم أي فانظر أيها المخاطب أو أيها السامع كيف كان عاقبة المنذرين وهنا قال (( كيف كان عاقبة المنذرين )) ولم يقل ماذا كانت يعني انظر إلى الكيفية وإلى الغاية لأن من نظر إلى الكيفية نظر إلى الغاية لو قال ماذا كان عقابهم لكان الجواب الهلاك لكن كيف كان عقابهم انظر إليه إلى كيفيته (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ))[العنكبوت:40]فانظر إلى الكيفية كيفية العاقبة لتستفيد من هذا النظر شدة العقوبة وملائمتها للذنب لأن الله قال (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ )) أي أن عاقبته ملائمة لذنبه وأنت إذا تأملت هذا وجدت الأمر كما قال الله عز وجل فمثلا كانت عاد تفتخر بقوتها وتقول (( من أشد منا قوة )) فأهلكوا بألطف الأشياء وهي الريح أرسل الله عليهم ريحا فدمرتهم أصبحوا لا يرى إلا مساكنهم وكان فرعون يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته فأهلك بما كان يفتخر به وهو الماء وهكذا كلما تأملت هلاك القوم المكذبين للرسل وجدت أن عقوبتهم مناسبة تماما لذنوبهم طيب إذن انظر كيف أبلغ من انظر ماذا كان عاقبتهم وجه ذلك أنها تدل على شدة الأخذ وعلى مناسبته للذنب ثم إنك إذا نظرت إلى الكيفية ستنظر إلى العاقبة لكن إذا قيل انظر ما عاقبتهم لم تؤمر الا بالنظر بالعاقبة فقط وقوله (( كيف كان عاقبة المنذرين )) الجملة هنا استفهامية ولكنها في محل نصب مفعول انظر وهذا النظر بالعين وإلا بالقلب؟ هذا النظر بالقلب والغالب أن النظر بالعين يعدى بإلى فيقوله نظر إليه وأن نظر القلب يكون متعديا بنفسه (( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض )) يعني بالقلوب أما بالأعين فلا يفيد إذا لم يتأثر بذلك القلب وقوله (( كيف كان عاقبة المنذرين )) المنذرين هنا اسم مفعول الذين أنذروا وخوفوا ولكن لم يخافوا ولم يؤثر فيهم الإنذار فكيف كان عاقبتهم