التعليق على تفسير الجلالين : وكانوا نجامين فخرجوا إلى عيد لهم وتركوا طعامهم عند أصنامهم زعموا التبرك عليه فإذا رجعوا أكلوه ، وقالوا لسيدنا إبراهيم : اخرج معنا (( فنظر نظرة في النجوم )). حفظ
قال المؤلف "وكانوا نجامين فخرجوا إلى عيد لهم وتركوا طعامهم عند أصنامهم زعموا التبرك عليه فإذا رجعوا أكلوه وقالوا للسيد إبراهيم اخرج معنا فنظر نظرة في النجوم " هذا الكلام المقدر الذي زعمه المؤلف أنه محذوف من باب الإيجاز بالحذف يحتاج إلى دليل أن هؤلاء القوم صنعوا طعاما ووضعوه عند هذه الأصنام للتبرك عليه وأنهم أرادوا أن يأكلوه بعد رجوعهم وطلبوا خروج إبراهيم معهم كل هذا يحتاج إلى دليل وذكرنا فيما سبق أن قصص الأنبياء السابقين لا يعلمه إلا الله (( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ ))[إبراهيم:9]فإذا كان الأمر كذلك فإننا لا نتلقى أخبار هؤلاء القوم إلا من الوحي إما بالكتاب وإما بالسنة وما جاء من أخبارهم من غير هذا الطريق طريق الوحي فإننا نتوقف فيه ما لم نعلم مناقضته للشرائع فإن علمنا مناقضته للشرائع وجب علينا رده فإذن نقتصر في هذه القصة على ما ذكره الله عز وجل وأن إبراهيم في يوم من الأيام نظر نظرة في النجوم من أجل محاجة قومه وإظهار عجزهم فهو كقوله تعالى في سورة الأنعام عن محاجة إبراهيم لقومه (( فلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ )) أي غاب (( قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ )) لأن الرب لا يمكن أن يغيب عن مربوبه فلما غاب هذا النجم علم أنه ليس برب لأن الرب لا بد أن يكون له كمال الرعاية لمن كان ربا له
(( فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي )) والقمر أبين وأظهر من الكوكب (( فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )) وهذا تعريض لقومه بماذا ؟ بالضلال شوف تدرج الأول قال لا أحب الآفلين يعني تبرأ من ذلك الثاني عرض بأن قومه ضالون (( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر )) وصحيح الشمس أعظم من القمر (( فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون )) فأعلن بشركهم والبراءة منهم وهذا من كمال محاجتهم فلا يبعد أن تكون هذه الآية (( فنظر نظرة في النجوم )) من جنس المحاجة المذكورة في سورة الأنعام