التعليق على تفسير الجلالين : (( فراغ عليهم ضربا باليمين )) بالقوة فكسرها ، فبلغ قومه ممن رآه (( فأقبلوا إليه يزفون )) أي يسرعون المشي ، فقالوا له : نحن نعبدها وأنت تكسرها ؟ (( قال )) لهم موبخا (( أتعبدون ما تنحتون )) من الحجارة وغيرها أصناما (( والله خلقكم وما تعملون )) من نحتكم ومنحوتكم ، فاعبدوه وحده ، وما مصدرية ، وقيل موصولة ، وقيل موصوفة . حفظ
وقول المؤلف " باليمين أي بالقوة " لا يتعين بل يجوز أن يكون باليمين أي باليد اليمنى وضرب بها لأن اليد اليمنى هي آلة العمل غالبا ولأنها أقوى من اليد اليسرى في الغالب ولهذا تجد من النادر أن يكون بعض الناس أعسر يعمل بيده اليسرى عمله بيده اليمنى (( فراغ عليهم ضربا باليمين )) " بالقوة فكسرها فبلغ قومه ممن رآه فأقبلوا إليه يزفون أي يسرعون المشي فقالوا له نعبدها وأنت تكسرها " لما بلغ قومه ما صنع أقبلوا إليه يزفون أي يسرعون على وجه جماعات بدليل قوله أقبلوا بالواو فهم أقبلوا إليه مسرعين للإنكار عليه لماذا كسرها وقد ذكر الله تعالى في سورة الأنبياء (( قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين )) فجعلوا ذلك ظلما وعدوانا فجاءوا يزفون لينتصرا لآلهتهم وهكذا العابدون للأصنام ينتصرون للأصنام والأصنام لا تستطيع نصرهم لكن هم جند محضرون لها انتبه ... إذن أقبل هؤلاء يزفون إلى إبراهيم لينتصروا لآلهتهم ولكنه عليه الصلاة والسلام كان قويا في ذات الله قال لهم موبخا (( أتعبدون ما تنحتون )) من الحجارة وغيرها أصناما والاستفهام هنا للتوبيخ " والحقيقة أنه للتوبيخ والانكار والاستهزاء بهم كيف تعبدون شيئا أنتم تنحتونه بأيديكم وهل يليق عقلا أن يكون المعبود مصنوعا لعابده الجواب لا يليق لا يفعل هذا إلا أسفه السفهاء شيء تصنعه أنت بيدك ثم تعبده وتتضرع إليه وتنيب إليه وتتعلق به وترجوا منه النفع والضرر هذا من السفه ولكن والعياذ بالله الإنسان اذا أعمى الله بصيرته لا يغنيه بصر العين وكانوا في الجاهلية يفعلون شبه هذا الفعل كانوا إذا نزلوا أرضا في سفر جمعوا أربعة أحجار ثلاثة منها للقدر وواحدا للعبادة فصار هذا الحجر المعبود مساويا لمناصب القدور وبعضهم يقولون إنهم كانوا يعجنون إلها من العجوة من التمر تمثالا من التمر يعبدونه من دون الله فإذا جاعوا أكلوه ما يقولون أطعمنا أو هيء لنا طعاما هو نفسه يؤكل هذا من السفه كذلك أصحاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام قوم ابراهيم صنعوا آلهة هم بأيديهم ثم صاروا يعبدونها وقول المؤلف أصناما أشار به إلى أن تنحتون تنصب مفعولين أحدهما العائد للموصول الذي تقديره ما تنحتونه والثاني هذا المحذوف الذي قدره المؤلف أتعبدون ما تنحتونه أصناما
قال (( والله خلقكم وما تعملون )) "
من نحتكم ومنحوتكم فاعبدوه وحده وما مصدرية وقيل موصولة وقيل موصوفة " والله خلقكم وإذا كان الله هو الخالق فهو أحق بالعبادة هل الأحق بالعبادة من خلقكم أو من خلقتموه ؟ من خلقكم ولهذا قال (( والله خلقكم وما تعملون )) " من نحتكم ومنحوتكم " أتى رحمه الله بالمصدر وأتى باسم المفعول من نحتكم إشارة إلى أن ما يجوز أن تكون مصدرية ويجوز أن تكون موصولة فإذا جعلناها مصدرية صار التقدير من نحتكم وإذا جعلناها موصولة صارت من منحوتكم واستمع والله خلقكم وعملكم إذا قلنا هكذا صارت ما مصدرية... إذا جعلنا التقدير والله خلقكم وعملكم صارت ما مصدرية وإذا جعلنا التقدير والله خلقكم ومعمولكم صارت ما موصولة طيب وإذا جعلنا ما موصولة فلابد من عائد يعود على ما وهو في الآية محذوف يعني وما تعملونه واللازم واحد على الاحتمالين فإذا قلنا أن المعنى والله خلقكم وعملكم فإن الخالق للعمل خالق للمعمول وإذا جعلنا المعنى والله خلقكم ومعمولكم فإنه إذا كان الله تعالى قد خلق المعمول وهم الذين باشروا عمله دل ذلك على خلق العمل وخلق العامل أيضا وعلى كل تقدير ففي الآية إقامة الحجة على أن هذه الأصنام لا تصلح أن تكون معبودة لأنها معمولة (( خلقكم وما تعملون )) قالوا ما مصدرية وقيل موصولة وقيل موصوفة " ايش معنى موصوفة هي التي يعبر عنها بالنكرة موصوفة يعني خلقكم وصنما تعملونه أو وأصناما تعملونها ولا نقول والذي تعملون بل ويصنع أصناما تعملونها وأفادنا المؤلف الآن أن لما ثلاثة معان أن تكون مصدرية وموصولة وموصوفة وهذا ثلاثة من عشرة لأن ما لها عشرة معان