التعليق على تفسير الجلالين : (( بل الذين كفروا )) من أهل مكة (( فى عزة )) حمية وتكبر عن الإيمان (( وشقاق )) خلاف وعداوة للنبي صلى الله عليه وسلم . حفظ
قال : (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا )) من أهل مكة ، وتقييد المؤلف للذين كفروا بأهل مكة فيه نظر والأولى الأخذ بالعموم وسلوك هذا الطريق أعني أن يخص القرآن ببعض أفراد العام ليس بسديد ولا جيد. وذلك لأنه نقص في التفسير إلا أن يقوم دليل على ذلك فإذا قام دليل على ذلك وجب الأخذ بالدليل ، أما إذا لم يقم دليل على ذلك فالواجب إيش ؟ الواجب الأخذ بالعموم لأنه أعم وأكثر معنى ، فالذين كفروا من أهل مكة وغيرها إلى يوم القيامة (( في عزة )) وليس عزة غلبة كالعزة التي في قوله تعالى : (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )) لكنها عزة أنفة وكبرياء وعناد ولهذا قال : " حمية وتكبر عن الإيمان " وهذه عزة مذمومة لأنها عزة تمنع صاحبها من قبول الحق وأما العزة التي هي عزة النصر فهي تأييد لصاحبها وبينهما فرق كبير ، قال : (( في عزة وشقاق )) يعني مشاقة. فشقاق مصدر شاق كقتال مصدر قاتل والمعنى مشاقة ، مشاقة لمن ؟ مشاقة لله ولرسوله قال الله تعالى : (( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ )) وهنا قال المؤلف : " خلاف عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم " وهذا أيضاً فيه نظر ، كيف ؟ لأنه خص الشقاق بمن ؟ بالنبي صلى الله عليه وسلم مع أن الكافرين يشاقون الله ورسوله فهم في أنفة وكبرياء وحمية ومشاقة لله ولرسوله ، يعني أنهم يجانبون ما أمر الله به ورسوله كأنما يكونون في شق وما جاء به الوحي في شق آخر ، (( بل الذين كفروا في عزة وشقاق )) ولربما يقول قائل : إنهم أيضاً في شقاق فيما بينهم ، ولا سيما اليهود فإن الله تعالى قال : (( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى )).